ستهل رجل الأعمال السويدي «إنجڤار فيودور كامپراد – INGVAR Feodor Kamprad صتنا اليوم بطلها مدمن مخدرات سابق تحول ليكون مليونير عصامي ناجح، جاء ميلاده في يونيو 1961 في بلدة أمريكية صغيرة.
كانت أول وظيفة لبطلنا مايكل ليندل Michael Lindell وعمره 16 عاما في عام 1977 في محل بقالة أثناء دراسته، إلا أن مايكل عانى من مشكلة أساسية، لم يعجبه أن يصدر الناس له الأوامر.
حين عبر عن ذلك الإحساس لمديره، عاجله هذا بالمقولة الشهيرة: إن لم يعجبك هذا الأمر ارحل فورا وكن أنت مدير نفسك. بعدها بقليل تم فصل مايكل من محل البقالة!
لكي يحقق مقولة ذلك المدير، وليكون مدير نفسه، ترك مايكل مقاعد الدراسة وعمره 18 سنة وبدأ يؤسس عدة مشاريع تجارية صغيرة، في أنشطة تجارية متباينة مثل إصلاح المواسير وتنظيف السجاجيد (بعدما أغرقت المياه المتسربة شقة أخته ذات مرة) وتربية الحيوانات، وإدارة عربات الطعام، كما وافتتح عددا من الخمارات…
الإدمان خسارة على أي جانب تنظر منه
على أثر حادث سيارة شديد، ونجاته من الموت المحقق خلال قفزة جوية بالباراشوت، وبعد حادث موتوسيكل آخر، بدأت معاناة مايكل مع إدمان المخدرات بمختلف أنواعها منذ عام 1982…
هذه المعاناة كان لها أشد الأثر في حياته، إذ وبشكل تدريجي دمرت وأنهت حياته الزوجية التي استمرت لمدة 20 عاما، وجعلته يخسر بيته، وكادت تجعله يخسر شركته الناشئة المبشرة بالنجاح ماي بيلو.
في المعاناة كنوز لمن ينتبه لها
الغريب والعجيب في القصة، أنه أثناء فصول كل هذه المعاناة الدرامية، كان مايكل يعاني من صعوبة خلوده إلى النوم، ووجد أن سبب هذه المعاناة يبدأ من الوسادة التي يضعها تحت رأسه، ورغم أنه جرب العديد من الوسادات المتاحة في الأسواق، الغالي منها والرخيص والمتقدم والواعد والفريد، إلا أن معاناته مع الخلود إلى النوم استمرت…
ميلاد شركة وسادتي | مايبيلو | MyPillow
حتى أنه ذات ليلة حلم أثناء نومه بالوسادة المثالية التي ستضع نهاية لهذه المعاناة المستمرة. هذا الحلم كان من شدة الوضوح حتى أنه أيقظه من نومه في الثانية صباحا وجعله يرى اسم شركته مكتوبا في كل مكان حوله: وسادتي | ماي بيلو | My Pillow وهو ما انطلق مايكل ليحققه، وبدأ بأن عهد إلى ابنته الكبرى لكي تصمم له شعار شركته.
ثم أخذ هذا الشعار وطبعه على 30 ألف غلاف / كيس قبل أن يقرر كيف سيصنع هذه الوسادة المثالية… لقد كان شديد الثقة بهذا الحلم الواضح الذي جاءه.
بعدها، وبمعاونة ابنه، شرع مايكل في تصميم تلك الوسادة المثالية التي حلم بها، التي ستساعده على النوم بسرعة وبدون أرق أو سهر.
وسادة لا تصبح مسطحة، لا تسخن، لا تجعل صاحبها يستيقظ من نومه ولديه ألم في عنقه وذراعيه، يمكن غسلها وتجفيفها دون أن تخسر أي ميزة من مزاياها.
هذا الأمر جعل مايكل يتقن القص واللصق والخياطة والتعامل مع الفوم والحشوات والقماش، وكل ما يتطلبه الأمر لصنع وسادة، كما صنع بنفسه المعدات التي تلزم لصنع الوسادات، باتباع أفكار ذكية تخفض التكاليف وتؤدي الغرض المطلوب.
بدأ مايكل بأن تخلص من كل شيء لا يعجبه في الوسادة المثالية من وجهة نظره، الشكل والمكونات وغيرها.
هذه المرحلة جعلته يجرب أكثر من 90 تركيبة مختلفة لحشوات الوسادة والأشكال وغيرها، حتى توصل إلى الشكل الذي نال إعجابه ورضاه، وكان ذلك في صيف عام 2004، حين أسس شركته بشكل رسمي.
كيف عرف أنها الوسادة المثالية؟ لقد كانت الوسادة الوحيدة التي ساعدته على النوم وجعلته يستيقظ وهو يشعر بالرحة من النوم.
أول عميل سعيد
مايكل ليندل يعد وساداته بنفسه
لقد كان هو أول عميل سعيد لمنتجه. هذا شرط أساس للنجاح عزيزي قارئ مدونة شبايك وعليك أن تتذكر ذلك.
عندها، خاط وصنع مايكل بنفسه عشرات من هذه الوسادة، ثم ذهب وكله ثقة بنفسه وباختراعه إلى محل كبير متخصص في لوازم السرائر والوسادات والمخدات وغيرها، وبدأ كلامه قائلا: ’لدي هنا أفضل وسادة في العالم، كم واحدة منها تريد أن تشتري؟‘
طبعا – وكما سبق وتعلمنا في فنون التسويق والإشهار والعلامة التجارية، جاءه الرد بأن عليه الخروج من المحل والرحيل بوسادته.
توقع مايكل أن العالم سيقبل عليه ويجري وراءه للحصول على هذه الوسادة المثالية، لكن هذا لم يحدث، وتوالت مرات الرفض، ولم يجد من يشتري وسادته المثالية…
[إقرأ أيضا: 22 قانونا في إشهار العلامة التجارية]
كشك في مول؟
ثم كان أن اقترح قريب على مايكل أن يؤجر كشك صغير في سوق مركزي / مول ليبيع وسادته بنفسه لزوار السوق.
أعجبته الفكرة لكنه احتاج إلى 15 ألف دولار لتنفيذها…
بما توفر له من مال وقتها، وبعدما رهن منزله وباع كل محلاته وأعماله التجارية، تمكن من جمع المبلغ المطلوب، ثم صنع 300 وسادة، واستأجر الكشك في فترة أعياد الكريسماس، إلا أنه لم يبع سوى 80 وسادة فقط!
كان هذا أول درس له في المبيعات، ذلك أنه كان يبيع الوسادة بسعر رخيص لم يعوض له تكاليفه، كما أن حجم الوسادات التي يبيعها كان أكبر بكثير من الحجم التجاري التقليدي، ما زاد من صعوبة البيع.
لا تيأس من رحمة الله
مايكل ليندل يبيع وساداته في معرض محلي
رغم الخسارة المالية، إلا أن أحد المشترين (والذي كان أيضا من المعجبين بالوسادة) اتصل بمايكل ليشكره على هذه الوسادة التي جعلته يغط في نوم مريح جميل، ثم اقترح عليه أن يزوره في بلدته ليشارك كبائع في معرض كبير ينظمه هو بنفسه.
في عام 2005، سافر مايكل إلى بلدة الرجل وشارك في المعرض، وهناك حيث باع -بفضل حماسته الواضحة وثقته في منتجه الذي صنعه بيديه – كل مخزونه من الوسائد…
هذه المرة، تعلم مايكل الدرس، وسافر ومعه 300 وسادة من الحجم التجاري التقليدي السائد في الأسواق.
مرة أخرى، حصل مايكل على دعوة للمشاركة في معرض آخر.
بعدها بدأ مايكل يركز على هذه النوعية من المعارض، وبدأت مبيعاته تزيد، ومعها بدأ يدخل معارض تغطي قطاعات أخرى، لتزداد المبيعات رويدا رويدا.
الآن كان عليه صنع المزيد من الوسادة المثالية وهو ما فعله بمساعدة أولاده وأقاربه وعائلته وأصدقائه…
… إلا أنه واجه صعوبات أخرى، صعوبات تجارية هذه المرة، ذلك أن الكثيرين لم يشاركوه وجهة نظره بأن هذه الوسادة المجهولة – التي صنعها شخص يبدو على ملامحه أنه مدمن مخدرات أو على الأقل مجرد هاوي لا يمكن الاعتماد عليه تجاريا – هي وسادة مطلوبة في السوق ويريدها المشترون.
حتى بعدما بدأ الضيق ينفرج شيئا فشيئا، واجه مايكل مشقات أخرى، مثل شركاء محتالين، موردين لا يلتزمون بوعودهم ولا يمكن الاعتماد عليهم، ومقلدين بدأ يقلدون وسادته… (ما ساعده على القضاء على هؤلاء المقلدين هو أنه سجل حقوق اختراع وسادته ما ساعده على حفظ حقوقه.)
وكأن كل هذا لا يكفي، حدث في شهر مارس 2008 أن بلغ الإدمان منتهاه مع مايكل، الذي جعله المخدر يبقى مستيقظا بدون نوم لمدة 14 يوما متواصلين – بسبب العمل والمشاكل وغيرها من أحوال الدنيا، حتى أن تاجر المخدرات الذي يبيع له هذه السموم قرر ألا يبيعه المزيد منها حتى يحصل مايكل على قدر كاف من النوم، ولضمان عدم خسارة هذا العميل الجيد إلى الموت بسبب عدم النوم، اتصل تاجر المخدرات ببقية رفقاء السوء من أمثاله ليمنعهم من بيع أي سم إلى مايكل والذي لم يكن ليتوقف عن تناول هذه السموم.
وعد إلى الله
وفقا لما ذكره مايكل في أكثر من لقاء معه، بلغت المعاناة مع المخدرات ذروتها معه، ثم حدث أنه في يوم 16 يناير 2009 (تاريخ يذكره مايكل جيدا) توجه مايكل بيديه إلى السماء ودعا ربه أن يجد نفسه في ذلك اليوم وليس لديه رغبة في تناول المخدرات…
وهو ما حدث بعدها بالفعل، ولليوم – وفقا لمايكل – لم يتناول مايكل أي نوع من أنواع المخدرات ولم يعد يشعر برغبة فيها.
مايكل مؤمن بأن الله عز وجل لديه خطط عظيمة وجليلة له، ولذا كان واثقا من نجاحه ومن قدرته على تخطي المصاعب والعثرات.
قوة الصحافة والدعاية
مايكل ليندل يحكي قصة وساداته في إعلان في جريدة
كانت الشركة تعاني وتجاهد، وتخطو خطوات صغيرة، وكانت الأرباح تذهب لسداد مستحقات الموردين والشحن والتخزين والرواتب وغيرها، حتى جاء الفرج وحدثت الانفراجة فجأة…
… في يوم 2 يناير 2011 نشرت جريدة محلية ما قصة ذات جانب إنساني عن وسادات مايبيلو، الأمر الذي جعل المبيعات عبر الانترنت في هذا اليوم تزيد عن إجمالي مبيعات الشركة في 6 شهور قبلها! هذه الزيادة في المبيعات استمرت لمدة 3 شهور بعدها.
هذه الزيادة العملاقة جعلت مايكل ينتبه لقوة تأثير الدعايات والإعلانات…
ولذا قرر أن يكتب بنفسه أول إعلان لشركته، إعلان كتب فيه قصته وقصة تأسيس شركته وحرص على أن يشبه تلك القصة المنشورة والتي جلبت له المبيعات الكثيرة… ثم نشره في عدة جرائد وصحف قومية ومحلية…
بعدها نجح الإعلان الورقي أيما نجاح…
قوة الإعلان المعلوماتي المصور
مايكل ليندل في إعلانه المصور المعلوماتي
بعدها قرر مايكل أن يكرر الفكرة ذاتها في إعلان تليفزيوني معلوماتي (انفورميرشيل) جرى عرضه لأول مرة في 7 أكتوبر 2011، ومرة أخرى نجح الإعلان أيما نجاح، أكبر من نجاح الإعلان الورقي.
الطريف أنه يقول إن فكرة الإعلان المصور جاءته – مرة أخرى – في أحد أحلامه.
كانت مدة هذا الإعلان نصف ساعة، تم تصويره أمام جمهور حقيقي، وكلف أكثر من نصف مليون دولار إجمالا، منذ تصويره حتى عرضه!
بفضل هذا الإعلان المصور، باعت الشركة أكثر من 10 مليون وسادة.
استمر عرض هذا الإعلان لسنوات، حتى أنه كان يذاع أكثر من 200 مرة في اليوم الواحد على مختلف القنوات والتليفزيونات.
في هذه السنة تحديدا، وبفضل الإعلانات الناجحة، زاد حجم الشركة من 10 عاملين إلى 500 عامل، وبلغ حجم المبيعات اليومي بضع مئات من الوسادات…
اخفض أسعار شحن منتجاتك
مرة أخرى وقع مايكل في خطأ كبير لكن عناية السماء تدخلت دون أن يشعر. مع التوسع السريع جدا، لم يكن لدى مايكل نظام حسابات يخبره هل يربح أم يخسر بزيادة إنتاجه لتلبية زيادة مبيعاته.
كانت الشيكات تتطاير بسرعة، لسداد المستحقات وشراء المكونات وشحن البضاعة المباعة.
بسرعة اتضحت الصورة، كان مايكل يخسر ربع مليون دولار في الأسبوع…
… كانت النهاية لتكون مأساوية أكثر، لولا أن مندوب شركة الشحن فيداكس زار المصنع وعرض خفض أسعار الشحن مقابل الحجم الكبير والتعامل مع فيدكس.
فقط بمجرد قبول سعر الشحن الرخيص، تحولت الخسارة إلى أرباح…
لمدة ست سنوات بعدها، بلغت قيمة الإعلانات التي صورتها وأذاعتها الشركة أكثر من 100 مليون دولار! النتيجة؟ زيادة العوائد من 100 ألف دولار سنويا إلى 300 مليون دولار!
الطريف هنا – والمستحق للذكر – أنه مع زيادة حجم مبيعات وإعلانات مايكل، بدأت الشبكات والقنوات تخطب وده ليعرض معها إعلاناته، وهنا اشترط عليهم مايكل ألا يعرضوا إعلانات للمقلدين الذين يقلدون وساداته، وهو ما تم له.
استمر النجاح والتوسعات في هذا العام، حتى أصبح حجم الشركة 800 عامل، تشارك في أكثر من 70 معرضا في الولايات المتحدة، وافتتحت 7 فروع لبيع وساداتها…
ثم توسعت الشركة وبدأت تصنع السرائر والمفارش، تلك المخصصة للبشر، وكذلك للحيوانات الأليفة!
بعدها ظهر مايكل في برنامج إذاعي على الراديو وبعد المردود الإيجابي له، قرر تسجيل إعلانات مخصصة للراديو، ومرة أخرى زادت مبيعات الوسادات التي تساعد على النوم المريح الجميل…
في عام 2014، عمل لدى الشركة أكثر من 1500 موظف، وباعت أكثر من 25 مليون وسادة.
في 2017، كان لدى الشركة أكثر من 17 فرعا لبيع منتجاتها، وتبيع منتجات مصنوعة بالكامل في الولايات المتحدة الأمريكية
http://www.shabayek.com/blog/2017/10/14/%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D9%86%D8%AC%D8%A7%D8%AD-%D9%85%D8%A4%D8%B3%D8%B3-%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D9%84%D9%88/