مسرعات الأعمال عبارة عن منظمات تقدم مجموعة من خدمات الدعم وفرص التمويل للشركات الناشئة. وبتعبير آخر: فإن مسرعات الأعمال هي برنامج تتيح للشركات النامية إمكانية الوصول إلى الإرشاد، والمستثمرين، وغير ذلك من الدعم، الذي يساعدهم على أن يصبحوا شركات مستقرة ومكتفية ذاتيًّا.
وتقوم بتقديم خدماتها من خلال تسجيل الشركات الناشئة في برامج، تستمر لمدة أشهر، توفر لها خدمات مختلفة، والأهم من ذلك، أنها توفر إمكانية الوصول إلى رأس المال والاستثمار، مقابل حقوق الملكية عند البدء. وتتصف الشركات التي تستخدم مسرعات الأعمال بأنها عادة تكون شركات ناشئة، قد انتقلت إلى ما بعد المراحل الأولى من تأسيسها. أي أنهم يستطيعون الوقوف على قدميهم، ولكنهم بحاجة إلى التوجيه والدعم من الأقران للحصول على القوة والمضي في الطريق.
وانطلقت أول مسرعة أعمال من وادي السليكون في أمريكا عام 2005م، تلتها مسرعة أخرى انطلقت من مدينة بولدر في كولورادوا الأمريكية بعد عام واحد، ليعتبرا هذين البرنامجين الانطلاقة الحقيقية لبرامج تسريع الأعمال على الصعيد العالمي.
توفر مسرعات الأعمال خدمات الإرشاد والاستثمار، كما توفر للشركات النامية إمكانية الوصول إلى الموارد اللوجيستية والتقنية، بالإضافة إلى المساحات المكتبية المشتركة. كما تعمل المُسرعات على ربط الشركات بشبكات من الحلفاء الذين يمكن أن يتعلموا منها. ويستغرق برنامج مسرعات الأعمال من شهرين إلى ستة أشهر. إذ إن الهدف هو تهيأت الشركات لتكون جاهزة للتشغيل بمفردها ، مع تعزيز وضعها التنافسي للحصول على نصيب من أسواقها المستهدفة.
وتكون مسرعات الأعمال إما ممولة بشكل عام أو خاص. إذ يتم تمويل مسرعات التمويل العام من قبل الحكومة. وفي هذا النموذج لا تتقاضى المسرعة مقابل ذلك ملكية في الشركات. لكنها في الوقت ذاته تركز بشكل عام على صناعة محددة – بما في ذلك التكنولوجيا الحيوية، والتكنولوجيا المالية، والتكنولوجيا الطبية، والتقنية النظيفة. في حين يتم تمويل المسرعات الممولة من القطاع الخاص من قبل كيانات خاصة، وتتقاضى مقابل خدماتها ملكية خاصة في المشروع أو مديونية للشركة.
وتتميز المسرعات بقصر مدة الإقامة فيها، وذلك نظرًا لأن المُسرّعين يجرون تحريات صارمة على اختيار الشركات المستضافة. إذ لا يحتاج المستثمرون إلى إهدار كثيرٍ من الوقت في غربلة، وتقييم الشركات الناشئة الجديدة الرائعة. وهذا ما يستقطب المستثمرون الملائكة (الداعمون) إلى الاستثمار في المسرعات، التي تتيح لهم الملكية في الشركات الناشئة نفسها. كما تقوم شركات المسرّعات أيضًا بتسويق هذه الاستثمارات، كخيارات حقيقية أمام المستثمرين في المرحلة المبكرة للاستثمار في مشاريع واعدة.
ومن جانب آخر، فإن المسرعات هي كنز دفين من الموارد لأصحاب الشركات الناشئة. إذ يدير هذه المسرعات، ويشترك فيها خبراء قادرون على الارتقاء بالشركات الناشئة. كما يستفيد أصحاب الشركات الناشئة عند التحاقهم بالمسرعة من الاختلاط مع نظرائهم في الأعمال التجارية، وتوليد منافسة ودية من أجل تعزيز التنمية. وقد أظهرت الدراسات أن الشركات المحتضنة في الحاضنات أو المسرعات أن معدل البقاء على قيد الحياة يصل إلى بنسبة 87٪، وفي المقابل فإن معدل بقاء الشركات التي لم تحتضن لا يتجاوز 44٪ فقط .
هذا المقال هو رأي شخصي للكاتب. فما ذكر فيه قد يناسب الزمان والمكان الذي قد كتب حينه، وقد لا يتناسب مع الحاضر اليوم أو المستقبل، أو ربما عبر عن نفس الحال والمقال، كما هي الحال في دورة الدهور والأزمان وتجدد الأفراح والأحزان. وكما قيل فالتاريخ يعيد نفسه.
أ. د. أحمد الشميمري، أستاذ التسويق وريادة الأعمال- جامعة الملك سعود،الرياض [email protected] [email protected]