لعله من المناسب قبل أن نقدم تعريف التنظيم أن نتأمل المثال التالي الذي يعكس مفهوم التنظيم ويقربه إلى أذهاننا بصور ة جليه :
تأمل جسم الإنسان الذي يتكون من عدد كبير من الأجهزة المختلفة كالجهاز الهضمي والجهاز التنفسي والجهاز العصبي وغيرها. هذه الأجهزة يفترض أن تعمل مع بعضها البعض دون أي تعارض واختلاف، ليحصل الإنسان في النهاية على جسم سليم ومعافى. لذلك فإنه إذا ما أصاب أحد هذه الأجهزة أو أي عضو في الجسم خلل فإنه سوف يؤثر سلباً على هذا الجزء من جسم الإنسان ومن ثم باقي الجسم، بمعنى آخر فإن تنظيم أداء الجسم سوف يختل نتيجة لأي خلل يصيب أي من أجهزته أو أعضائه.
أختلف رواد الإدارة وعلماؤها في وضع تعريف شامل للتنظيم أو التنظيم الإداري وذلك لشمول هذا المصطلح أو المفهوم على عمليات متعددة تهدف إلى تيسر الأداء بأسلوب يوصلنا إلى تحقيق الأهداف بأفضل وجه من الإتقان والسرعة والاقتصاد، حتى أن مفهوم التنظيم أختلط في كثير من الأحيان مع مفهوم الإدارة بشكل عام.
من هذا المنطلق يمكن إيراد مجموعة من التعريفات لمصطلح التنظيم والتنظيم الإداري اللذين سوف نستخدمها هنا بمعنى واحد وذلك على النحو التالي:
- يمكن تعريف التنظيم بأنه «وضع نظام للعلاقات والمسئوليات، وتحديد للوظائف وتكوين للوحدات الإدارية».
- التنظيم: «توزيع المسؤوليات والتنسيق بين كافة العاملين بشكل يضمن تحقيق أقصى درجة ممكنة من الكفاية في تحقيق الأهداف المحددة».
- التنظيم: «عملية تنسيق الجهود البشرية في أي منظمة، حتى تتمكن من تحقيق أهدافها بأقل تكاليف ومجهود ووقت، وبأقصى كفاية إنتاجيه ممكنة».
- التنظيم: «ترتيب الأعمال أو الأنشطة في وحدات إدارية يسهل الإشراف عليها مع تحديد العلاقات الرسمية بين أولئك الذين يعينون أو يخصصون للقيام بتلك الأعمال».
بالنظر إلى التعريفات السابقة، يمكن القول بأن هناك اتفاقاً بين أغلب كتاب الإدارة حول ضرورة وجود عناصر أساسية في مفهوم التنظيم. هذه العناصر هي على النحو التالي:
1.تحديد الأهداف والنشاطات المطلوب تحقيقها بالجهد الجماعي المشترك: لكل منظمة أهداف تسعى إلى تحقيقها هذه الأهداف تشمل الأعمال أو الأنشطة الرئيسة التي يجب أن تقوم بها المنظمة، وكذلك الأعمال والنشاطات الثانوية أو الإضافية.
2.تصنيف وتقسيم الأعمال: ويعني تجميع هذه الأعمال والوظائف والمهام المرتبطة بها في وحدات إدارية، ويحكم هذا التقسيم اعتبارات المنطق السليم الذي يقتضي تنسيق الأعمال، بحيث تكون الأعمال المتقاربة والمتشابهة من اختصاص وحدة أو منظمة فرعية مستقلة.
3.تحديد مواصفات ومؤهلات وخبرات الأفراد، الذين سيقومون بأداء تلك الأعمال والواجبات التي تفرضها، وكذلك تحديد عدد هؤلاء العاملين في كل قسم من أقسام المنظمة أو في كل وحدة من وحداتها.
4.اختيار الأشخاص وفق تلك المواصفات والمؤهلات، ويدخل في هذا أيضاً مسألة تدريب هؤلاء الأشخاص بعد تعيينهم على طرق العمل المختلفة.
5.تحديد السلطات والمسؤوليات: حيث ينبغي أن يعكس الهيكل التنظيمي للمنظمة السلطات الإدارية، وتشمل تحديد مستويات السلطة والمسؤولية داخل المنظمة. وفي هذا الشأن تنساب السلطة والمسؤولية في شكل هرمي، بحيث يوجد في القمة المدير العام للمنظمة أو قيادتها العليا، ثم تتحدد مستويات أدنى في السلطة إلى الطبقات المختلفة في المنظمة.
6.وضع وتحديد نظم الاتصالات بين أقسام وفروع المنظمة: وهذا يتضمن بيان قنوات الاتصال بين الرئيس الإداري الأعلى أو مستوى الإدارة العليا وبين المستويات الأدنى.
7.بيان العناصر السابقة في خريطة تنظيمية: ترسم تلك العناصر في أشكال هندسية واضحة، وتحدد العلاقات المتشابكة أفقياً ورأسياً.
8.وضع وتحديد السياسات وإجراءات العمل: وهو آخر عناصر التنظيم. والسياسات تعني التوجيهات العامة التي على هديها وفي ضوئها ستصدر القرارات والأوامر المختلفة في كل نشاطات المنظمة، وإجراءات العمل تعني نظم أداء الأعمال التي تحكم سيرها والتي يدرب عليها العاملين بعد تعيينهم.
هذا المقال هو رأي شخصي للكاتب. فما ذكر فيه قد يناسب الزمان والمكان الذي قد كتب حينه، وقد لا يتناسب مع الحاضر اليوم أو المستقبل، أو ربما عبر عن نفس الحال والمقال، كما هي الحال في دورة الدهور والأزمان وتجدد الأفراح والأحزان. وكما قيل فالتاريخ يعيد نفسه.
أ. د. أحمد الشميمري، أستاذ التسويق وريادة الأعمال- جامعة الملك سعود،الرياض [email protected] [email protected]