في الوقت الذي كان فيه معظم الأطفال في سلطنة عمان يلعبون بالدمى, أبحر طفل في التاسعة من عمره في مركب خشبي ” الداو” قاصداَ البحار البعيدة للوصول إلى بومباي في الهند مرافقاً لوالده بحمولة من السمك المجفف والتمر وكانت هذه هي رحلته البكر إلى عالم التجارة. بعد سنوات قليلة, أدرك الفتى اليافع بفطرته وحسه التجاري, أنه لكي يكسب المال عليه أن يقوم بعمليات تجارية خاصة به ويديرها باستقلالية مطلقة. قرر شراء مركب الداو من والده, ولما لم يكن لديه الكافي اتفق مع والده بأن يسدد قيمة المركب من الأرباح التي كان واثقاَ من تحقيقها.
كان ينقل المسافرين بشكل منتظم بين ظفار ومسقط بجانب الاتجار في السمن ومنتجات الألبان. وفي مدة لا تزيد عن السنة والنصف استطاع أن يحقق أرباحا طائلة وسدد لوالده قيمة المركب كاملاً. كثيرا ماكان يبحر لمسافات بعيدة. وعندما يكون البحر هائجاً وعالي الموج لم يكن يتمكن من الحصول على قسط من الراحة أو النوم. وفي رحلة من رحلاته لأفريقيا, وبعد بيع كل حمولته من الأخشاب وغيرها .. فقد كامل ما معه من مال ليجد نفسه في بلد غريب ولا مال معه, فما كان منه إلا ان قام باقتطاع الأشجار وبيع الحطب ليجمع مالاً يمكنه من العودة إلى بلاده. وفي رحلة أخرى لمومباي بحمولة كاملة من سمك الكنعد واجه عاصفة هوجاء قلبت مركبه وفقد كامل حمولته, ولكن الله كان معه فنجا من الموت باعجوبة.
كل هذا لم يردعه أو يثبط من همته, بل قوى من عزيمته فزاد تصميمه على التحدي والفوز والنجاح. استمر بالتجارة واشتهر بأمانته والوفاء بالعهد والتزامه بوعوده مما فتح أسواقاً كثيرة له مع إيران والعراق وعدن وشرق أفريقيا ومن الهند حتى الصين. عندما نمت تجارته فكر بتأسيس شركة تجارية في مسقط. ولذا قام باستئجار محل صغير من صديق له. توسعت تجارته مع الوقت حتى امتلاكه محلات أخرى متنوعة النشاط وحصوله على وكالات ساعات سيكو ومن ثم اتبعها بوكالة توشيبا واضعا حجر الأساس لنجاحات اكبر. ولم يكن لشركة تويوتا في ذلك الوقت من يمثلها في عمان. ولذلك سعى الكثيرون للحصول على هذه الوكالة باعتبارها مطمحاً تجارياً هاماً وكان من بين هؤلاء الشيخ سعود. وبسماته الفريدة قرر السفر بنفسه إلى اليابان ليكون أول عماني يصل إليها. وما إن وطئت قدماه أرض اليابان حتى تم احتجازه بالمطار وذلك لأن أيا من مسئولي الهجرة اليابانيين لم يشاهد جواز السفر العماني من قبل, ولم يتم إخلاء سبيله إلا بعد التأكد من صحة الجواز والتأشيرة من السفارة البريطانية التي كانت تصدر تأشيرات السفر في ذلك الوقت. أخذ اليابانيون الدهشة عندما قابلوه وتبادلوا معه سلسلة من الأحاديث والمناقشات المفصلة. لم يجدوا إلا رجلاً لديه حس تجاري حاد ورؤى بعيدة المدى. وبهذا توصلوا إلى قناعة تامة بوجوب التعامل معه وأنه سيكون التحول لصالحه. وكانت لحظة تاريخية بعام 1975 وصول أول دفعة تتكون من 100 سيارة إلى عمان. كانت السيارات تباع فور إنزالها على رصيف الميناء. الناس يختارون سياراتهم على ظهر السفينة. تدفع كيساً مليئاً بالأوراق النقدية. يستلمون بالحال يدور المحرك وتساق السيارة وتذهب بعيدا! .
وإذا سألت الشيخ سعود عن هذه الرحلة الطويلة وسر نجاحه فيخبرك. تذكروا دائما قول الله تعالى “ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام” وتذكروا أيضا قاعدة المثابرة الذهبية “حاول وحاول المرة تلو المرة… حتى يتحقق لك النجاح”.
http://www.alhrbi-m.com/%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF-%D8%A8%D9%87%D9%88%D8%A7%D9%86