رأس المال البشري ركيزة التقدم 

رأس المال البشري ركيزة التقدم 

تاريخ النشر: 23 مايو، 2021

أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين خلال الخطط التنموية الخمسية اهتماماً كبيراً للتنمية البشرية وفق توجهات الاقتصاد المعرفي والتنافسية العالمية. وقد تجسد هذا الاهتمام في الموازنات الحكومية الأخيرة التي جعلت الإنسان محور الإنفاق والرعاية. واستمراراً لهذا النهج الرشيد فقد أتت موازنة هذا العام بالخير الكثير لدعم بناء الإنسان السعودي المسلح بسلاح المعرفة والعلم والتقنية الحديثة. فالدول تدرك اليوم أن التنافس الدولي لمواكبة التقدم وتحقيق النمو لم يعد قائماً على عناصر الإنتاج التقليدية بل أصبح قائماً على رأس المال البشري المعزز بالمعرفة.

ورواد الأعمال هم من يستطيعون اكتشاف المصادر الجديدة للموارد، وفتح أسواق جديدة وفقاً للمفاهيم الحديثة للتسويق، وابتكار التقنيات والصناعات والمنتجات الحديثة، وهم القادرون على خلق فرص عمل جديدة من خلال المشاريع الريادية التي توظف أعداداً من الناس. كما أثبتت التجارب دور ريادة العمال في تحسين الوضع الاقتصادي للفرد، والتوظيف الذاتي لرواد الأعمال، و زيادة الدخل، وبالتالي زيادة النمو الاقتصادي.

 

التوجه نحو مفهوم رأس المال البشري

في ظل توجه الدول نحو تنمية اقتصاداتها على أسس تنافسية في البيئة العالمية المتفاعلة فإنه يجب على منظمات الأعمال أن تبحث عن المحددات والعناصر التنظيمية الضرورية لإدارة العمالة المعرفية ليس من باب جذب الكفاءات للبقاء في العمل ولكن من باب المحافظة عليها باعتبارها أحد عناصر الإنتاج ورأسمال بشريا يعتمد عليه في النجاح والاستمرار.

وتنظر المنشآت العاملة في الاقتصاد المعرفي إلى العاملين بمنظور مغاير لما هو مألوف في الاقتصاد التقليدي، حيث يصبح العاملون هم المنشأة ويمثلونها والناتج من مجهودهم هو المعرفة، وهذا خلافاً للمفهوم السائد في الاقتصاد التقليدي، والذي ينظر إلى العاملين كمجموعة من الأصول الثابتة.

أما في اقتصاد المعرفة فهم ”رأسمال بشري وفكري” وينظر إلى الأفكار التي تصدر عن العاملين، وهم الذين يستثمرون وقتهم وجهدهم وطاقتهم وذكاءهم وتوظيفها لإنتاج الأفكار التي تحقق أهداف المنشأة والتي تمثل في النهاية المعرفة التي تنتجها المنشأة وبالتالي يصبحون هم رأس المال.

وقد ظهرت أهمية مصطلح رأس المال البشري كأحد عوامل الاقتصاد العامة في ستينيات القرن العشرين عندما نشر BECKER 1964 كتابه بعنوان ”رأس المال البشري” ثم شاع استخدام هذا المصطلح في التسعينيات، حيث اعتبر بيتر دراكر DRUKER 1991 المعرفة رأس مال فكريا تمثلها نخبة من العاملين الذين لديهم قدرات تنظيمية ومعرفية لإنتاج الأفكار الجديدة وتطوير الأفكار القديمة ويتعلمون ويتبادلون فيما بينهم أفضل سلوكيات العمل التي تقود إلى إحداث التغيير والتحويل المطلوب في ممارسات منشآتهم من أجل تنظيم القدرة التنافسية للمنشآت.

أدى هذا التطور في مفهوم التنمية البشرية المرتبط بنظريات التنمية الاقتصادية إلى وجود نظرة جديدة للقوى العاملة، وبالتالي أصبحت التنمية البشرية عنصراً رئيساً وداعماً لاقتصاد المعرفة، وتوسع مفهوم التنمية البشرية ليشمل كفاءة سوق العمل، والرعاية الصحية، والتغذية والبنية الاجتماعية، والتقنيات الحديثة في مجال المعلومات والاتصالات والابتكار والبحث والتطوير بجانب المؤشرات السابقة المتمثلة في التعليم والتدريب.

 

هذا المقال هو رأي شخصي للكاتب. فما ذكر فيه قد يناسب الزمان والمكان الذي قد كتب حينه،  وقد لا يتناسب مع الحاضر اليوم أو المستقبل، أو ربما عبر عن نفس الحال  والمقال، كما حال في دورة الزمان وتتجدد الأحداث الأحزان.ويعيد التاريخ نفسه.

أ. د. أحمد الشميمري، أستاذ التسويق وريادة الأعمال- جامعة الملك سعود،الرياض [email protected]