أشار “تقرير التنافسية العالمية 2007/2008” إلى أوضاع بعض الدول العربية حيث تأتي الكويت في المركز الأول بلا منازع بين جميع دول المنطقة العربية من حيث استقرار اقتصادها الكلي، الأمر الذي يعكسه الفائض الكبير في الميزانية وانخفاض المديونية وزيادة المدخرات القومية. وتتمتع الكويت ببنية تحتية مالية عالية الكفاءة، مع سهولة الوصول إلى مجموعة واسعة من الخدمات المالية، بما فيها القروض، وأسواق الأسهم، وتمويل المشاريع. وتحظى سوق العمل في البلاد بتصنيف جيد نظراً إلى كفاءتها، وتحديداً مرونة النظام الذي يسهل توليد فرص العمل الجديد. وفي المقابل، يوجد متسع للتطوير في مجال التعليم. فمع أن بلداناً عديدة في المنطقة تمتلك معدلات مماثلة، إلا أن انخفاض معدل التسجيل في التعليم الأساسي إلى 86.5%، يضع الكويت في المرتبة 98.
كما جاءت قطر في المرتبة 31، مستفيدة من الاستقرار الاقتصادي وزيادة إنتاج وصادرات النفط والغاز، شأنها في ذلك شأن الكويت وغيرها من الدول النفطية في المنطقة. ولكن التضخم يبقى واحداً من أبرز مصادر القلق والخوف، إذ بلغ مستويات عالية جداً (11.8% في عام 2006). وتمتلك قطر سجلاً جيداً نسبياً في مجال التعليم، فهي تكاد تصل إلى المستويات العالمية في التعليم الأساسي والثانوي، مما يضع البلاد في المرتبتين 40 و25 على هذين المؤشرين على التوالي. ومع ذلك، فإن استمرار قطر في المضي قدماً يتطلب تخريج أعداد أكبر من الجامعيين، حيث يضعها معدل التعليم الجامعي البالغ 19% في المرتبة 79 من أصل 131 بلداً ضمن هذه الفئة.
وتم إدراج المملكة العربية السعودية على “مؤشر التنافسية العالمية” لأول مرة في تاريخ المؤشر عام 2007، لتحتل المرتبة 35. وكما هي الحال بالنسبة إلى الدول الأخرى المصدرة للنفط، فإن الاستقرار الاقتصادي يشكل عامل القوة الأساسي للمملكة، في ظل بيئة مالية راسخة ومعدلات فائدة وتضخم منخفضة نسبياً تم إبقاؤها تحت السيطرة. وتمثل قدرة البلاد على النفاذ إلى سوق محلية وخارجية كبيرة نسبياً ميزة تنافسية أخرى، مما يتيح بروز شركات سعودية كبرى.
ويترافق هذه كله مع عدد من عناصر التطور في بيئة الأعمال الإقليمية، بما فيها عمليات الإنتاج المتطورة نوعاً ما والسيطرة القوية على سلاسل التوزيع العالمية. ولكن تنمية الموارد البشرية تتطلب المزيد من الاهتمام بما يتيح للبلد الانتقال إلى مراحل متطورة من التنمية. وتأتي المملكة العربية السعودية في مرتبة متدنية على صعيد الرعاية الصحية، إذ يبقى ظهورها ضعيف على العديد من مؤشرات الصحة العالمية. وفي ما يتعلق بالتعليم، فإن معدل التسجيل في التعليم الأساسي، والبالغ 78%، منخفض إلى درجة كبيرة تضع السعودية في المرتبة 112 من أصل 131 بلداً.
يضاف إلى ذلك، أن زيادة معدلات التعليم الثانوي والجامعي تتطلب التركيز على تحضير البلاد لاعتماد المزيد من طرق الإنتاج المبتكرة وتعزيز قدرتها على الابتكار. وهذا يحتاج إلى دعم الجهود الرامية إلى استثمار الطاقات الكامنة لأسواق المملكة، والتي تتصف حالياً بافتقارها إلى الكفاءة في عدد من المجالات، وخاصة في أسواق المال والعمل التي تضعها في المرتبتين 66 و76 على التوالي.
وحافظت دولة الإمارات العربية المتحدة على مكانتها بين أكثر الاقتصادات تنافسية في المنطقة، وتحتل المرتبة 37. وتواصل البيئة الاقتصادية العامة تعزيز موقعها (في المرتبة 39 ضمن التصنيف العام)، على الرغم من أن زيادة التضخم (10% في عام 2006، ارتفاعاً من 6% في عام 2005) تشكل مصدر قلق متزايد.
وتشمل نقاط القوة الأخرى، البنية التحتية الحديثة للنقل وآلية العمل المتطورة للمؤسسات العامة والخاصة. وفي هذه الأثناء، ينظر مجتمع الأعمال إلى أسواق العمل على أنها مرنة وتتميز بالكفاءة، خاصة في ما يتعلق بقوة العمل الوافدة.
أما مصر فتأتي في المرتبة 77، وتتجسد نقاط قوتها الرئيسية في كفاءة السوق وحجمها الكبير، الأمران اللذان يتيحان نمو الأعمال وظهور شركات كبرى. وعلى صعيد كفاءة سوق السلع، تستفيد البلاد من إمكانية تأسيس شركة جديدة خلال فترة زمنية قصيرة، كما أن الضرائب لا تشكل عائقاً في نظر المستثمرين.
يوجد أيضاً عدد من نقاط القوة في أسواق العمل في البلاد، بما في ذلك المرونة في تحديد الأجور، مع أنه من الواضح وجود بعض التحديات، مثل القوانين الصارمة الخاصة بالتوظيف والتسريح من العمل، بالإضافة إلى غياب التعاون في العلاقة بين الموظفين وأربابا العمل. وجاء تصنيف البيئة الاقتصادية العامة متدنياً جداً (في المرتبة 124 ضمن التصنيف العام)، في ظل وجود عجز كبير في الميزانية تراكم عبر السنين لترتفع معه المديونية فوق 100% من الناتج المحلي الإجمالي. ويمثل التعليم العالي والتدريب نقطة ضعف أخرى، حيث يمكن تحسين معدلات التسجيل على جميع المستويات، كما يصنف النظام التعليمي على أنه متدني الجودة فضلاً في الوقت الذي لا توفر فيه الشركات المصرية تدريباً كافياً.
هذا المقال هو رأي شخصي للكاتب. فما ذكر فيه قد يناسب الزمان والمكان الذي قد كتب حينه، وقد لا يتناسب مع الحاضر اليوم أو المستقبل، أو ربما عبر عن نفس الحال والمقال، كما هي الحال في دورة الزمان وتتجدد الأحداث الأحزان.ويعيد التاريخ نفسه.
أ. د. أحمد الشميمري، أستاذ التسويق وريادة الأعمال- جامعة الملك سعود،الرياض [email protected]