قياس أداء حاضنة الأعمال

قياس أداء حاضنة الأعمال

تاريخ النشر: 6 أكتوبر، 2021

تتطلب إدارة حاضنة الأعمال فهمًا دقيقًا لاقتصاد السوق الحديث، وثقافة ريادة الأعمال. مما يستدعي طلب المراقبة والقياس لأداء الحاضنة، وتوضيح فعاليتها لأصحاب المصالح. كما يعتبر قياس الأداء للحاضنة ممارسة فعالة لصالح مديري الحاضنات. وتتسم المحاولات المبكرة لتقويم أداء الحاضنات بثلاث سمات. فقد كانت ترتبط تقليديًّا بالمدخلات، كما كانت تحلل الحاضنات من منظور المقيمين فيها، وثالثًا كانت اقتصادية ومالية في طبيعتها. وقد درس ميان Mian (1996) مدى إدراك المقيمين لبعض المدخلات المحددة، بما في ذلك الصورة الذهنية للحاضنة، والمختبرات والمعدات، وبرامج نقل التقنية. واقترح شمول اختيار المدخلات في دراسته كأحد أهم مقاييس الأداء للحاضنات التي ترعاها الجامعة. وفي دراسات أخرى، أضاف ميان وباحثون آخرون مقاييس مرتبطة بنمو الحاضنة (الموقع، والعمالة، وعدد المقيمين والخريجين)، وكذلك أداء المقيمين (معدل البقاء على قيد الحياة، والمبيعات).

ويتضح أن الدراسات المبكرة لقياس الأداء كانت تنظر إلى الحاضنات إما كأداة تنمية اقتصادية، أو وسيلة للتجارة بالأفكار الجديدة، وكان لها الافتراض أن الاستعداد بالكميات المناسبة للمدخلات يمكن أن يحقق الطلب. لكن الباحثين الذين درسوا الحاضنات من وجهة النظر الإدارية والتنظيمية افترضوا أنه بينما كان التنوع والمعايير الكمية مقاييس ضرورية لتحليل العلامات المقارنية، إلا أن الكفاءة والفعالية التي تؤدي بها المهام أيضًا يجب أن تؤخذ في الاعتبار لقياس أداء الحاضنة ونجاح المقيمين. ومن ثم، أضافت الدراسات مقاييس الأداء المستخلصة من التنظيم والإدارة. وكانت تعني أن مساهمة الحاضنة في ريادة الأعمال والاقتصاد في صورة خريجين ووظائف هدف مهم، وكانت المقاييس المرتبطة بالأهداف ضرورية لمقارنة الكفاءة في الشركة، ولمعرفة العوامل المسؤولة عن النجاح.

ورغم أن التحليل الإحصائي لأداء الحاضنات ما زال في مراحله المبكرة، فإنه يمكن طرح عدد من الاقتراحات التي يمكن أن تزيد فرص نجاح الحاضنات. وهذه تشمل ما يلي:

  • تعيين مجلس استشاري ذو خبرة وفهم بالسوق، وعملية صياغة المشاريع الريادية. وهنا يخطئ بعض أصحاب الحاضنات حين يشركون تجارًا تقليديين في مجالسهم الاستشارية. فالاستشاري المطلوب هنا من كانت له تجربة واهتمام واضح في ريادة الأعمال ذاتها. وليس مشروعات الأعمال فحسب.
  • إدارة جيدة للدخل من الإيجار من خلال تعاقب المقيمين بالحاضنات. فيجب أن لا ينتظر المتقدمون للحاضنات في مسار القبول طويلًا حتى يتخرج المستأجرون الحاليون كي تتحقق الدخل المناسب من الإيجار.
  • تطوير وتقديم قائمة متنوعة من خدمات الدعم حتى إذا كان هناك بعض الخدمات التي يقل الإقبال عليها.
  • مدى التعلم من الاختلافات النوعية بين المتقدمين والمرشحين المختارين للقبول.

ومن جانبه فقد اقترح كامببل والين Campbell and Allen (1987) المعايير التالية، التي يحلل بها أداء الحاضنة:

  • إنتاج شبكة استشارات أعمال  فعالة.
  • المشاركة في الوساطات المالية في رسملة الحاضنة.
  • إنشاء غالبية المقيمين في الحاضنة  شركات ناشئة.
  • التعاون، مثل قيام المقيمين بأعمال تعاونية بعضهم مع بعض مثل المشتريات المشتركة.

 

وبالنسبة إلى سكارموزي Scaramuzzi (2002)، فقد اقترح ثلاثة أبعاد لأنشطة الحاضنة، وهي التي تحدد نجاحها:

  • أفضل الممارسات العملية لإنتاج الحاضنة وإدارتها. وتشمل الإستراتيجية، وتحديد الموقع، والاستدامة طويلة المدى للحاضنة، وكذلك تنظيمها ونظام حوكمتها الداخليين.
  • أفضل الممارسات العملية لعمليات الحضانة. وتشمل آليات القبول، والحضانة، وآليات الخروج التي تتبناها الحاضنة للشركات المحتضنة.
  • أفضل الممارسات العملية لتقويم الأداء. وتشمل عمليات التقويم التي تتبناها الحاضنة لقياس كل من أداء الحاضنة نفسها، و”القيمة المضافة” للحاضنة في رعايتها تطوير الأعمال.

وقد عبر الباحث عنها بالشكل التالي، الذي يعتبر النقطة الثالثة بمثابة المراقبة والتقويم المستمرين للنقطتين الأخريين.

واقترح مورايس Morais (1997) أربعة أبعاد لتقويم الحاضنة:

  • النتائج، أو المنتجات.
  • المدخلات التي تستخدمها الحاضنة، سواء كانت طبيعية، أو مالية، أو تقنية، أو مواد، أو موارد بشرية.
  • العمليات التنظيمية.
  • البيئات الاجتماعية والاقتصادية، والثقافية، التي تشير إلى المؤسسات التي ترتبط ارتباطًا مباشرًا بعملية الحاضنة.

 

ويقترح سارفاز ميان Sarfraz Mian (2002)  نموذج تقويم مبني على ثلاثة مؤشرات:

  • نواتج الأداء: التي تشمل استدامة البرنامج ونموه، وبقاء الشركات المستأجرة على قيد الحياة ونموها، والمساهمة في رسالة رعاة الحاضنة، والتأثيرات المرتبطة بخدمة المجتمع.
  • سياسات الإدارة وفعاليتها – قياس الاستخدام الفعال للموارد في ضوء أهداف الحاضنة. وتشمل العناصر التي يمكن خلالها تقويم الأهداف، وتنظيم الحاضنة وحوكمتها، والتمويل والرسملة، والسياسات التشغيلية، وأسواق الهدف.
  • الخدمات وقيمتها المضافة – تقويم القيمة المضافة لشركات العملاء بالنسبة إلى الخدمات والتسهيلات المقدمة، والقيمة المدركة المصاحبة للمشاركة في المعرفة وبيئة الحاضنة.

 

ولخص   Scaramuzzi (2002) دراسة لليونيدو UNIDO ترتبط بتطور الحاضنات في الدول المتقدمة صناعيًّا، التي تحتوي على النقاط التالية:

عند النظر للدول النامية، يلاحظ أن الممارسات العملية لحضانة الأعمال حديثة جدًّا، رغم التوسع السريع في بعض الدول، وكذلك هناك محدودية في الدراسات الإحصائية والتقويم، وفي بعض الأحيان تكون غير متجانسة في طريقتها. وقدمت دراسة اليونيدو UNIDO منهجية مقترحة لتقويم أداء الحاضنة. حيث أجرتها حينذاك على سبع دول، تناظر السبع دول المذكورة في الدراسة حوالي نصف الحاضنات في الاقتصاديات النامية – 143 حاضنة من 300 قدرت آنذاك. وتذكر الدراسة بعض البيانات المقارنة المرتبطة بمتوسط استثمارات الحاضنات، وحجمها (بالنسبة إلى مكان المبنى)، ومتوسط الشركات المستأجرة، وعدد العاملين. وفي هذه الدراسة، يبين الدليل أن الحاضنات في أمريكا اللاتينية تميل إلى أن تكون أصغر بالنسبة إلى إمكانات المبنى، والشركات المحتضنة، وعدد العاملين. وتميل الصين ودول أوروبا الشرقية إلى إظهار إمكانات مكانية أكبر. ورغم أن الدراسة لم تقدم بيانات عن معدلات البقاء على قيد الحياة للشركات المحتضنة، إلا أنها تقترح المؤشرات الرئيسة التي يجب أخذها في الاعتبار لعمل التقويمات لأداء حاضنات الدول النامية، والتي تشمل ما يلي:

  • عدد المنشآت المحتضنة في عملية الحضانة ومعدل بقائها على قيد الحياة.
  • الوظائف التي تقدمها الحاضنة.
  • الوظائف والمبيعات التي تنتجها الأعمال الخريجة بعد 6 سنوات.
  • الاستثمارات العامة في السنة.
  • حجم الاستثمار في الأبحاث بواسطة الشركات المحتضنة.
  • تقويم المستأجرين للقيمة المضافة للحاضنة.
  • استدامة الحاضنة، مقاسة بالإيرادات والتكاليف الناتجة.
  • الضرائب والمساهمات الأخرى من المستأجرين والخريجين.
  • التأثير الاجتماعي، مقاسًا بالدراسات المسحية للرأي العام، وعقود الأبحاث بين الصناعة والجامعة.

لكن هناك جدل على نطاق واسع: أن البقاء على قيد الحياة للشركات المستأجرة لا يمكن أن يعتبر معيارًا كافيًا للنجاح. فتميل الأعمال المبنية على التقنية إلى النمو أسرع بصفة خاصة من الأعمال في المجالات الأخرى. ويجب أن تقارن دائمًا الاتجاهات الحالية الخاصة بمعدلات البقاء على قيد الحياة مع معدلات نمو الشركات المتخرجة بعد 3  إلى 5 سنوات، وذلك لتجنب أن تصبح الحاضنات مركزة فقط على بقاء الأعمال على قيد الحياة في بيئة “محمية”، وليس توسعها في السوق المفتوح.

وأشارت اليونيدو في دراستها إلى إدراك أهمية “القيمة المدركة” لخدمات التدريب والدعم المقدمة للمشروعات الصغيرة في المنطقة، وأعطت بعض المؤشرات المهمة لمتطلبات المشروعات الصغيرة في البيئات المتطورة. منها ما يلي :

  • الحاجة إلى الدعم في المجالات الرئيسة مثل التسويق، والتمويل، والإدارة.
  • العجز في قوة العمل الماهرة كمقيد للنمو.
  • العوائق المالية وتشريعات السوق كعوائق خارجية رئيسة للنمو.
  • المشكلات المتعلقة بالضرائب والرسوم، وقانون العمل.
  • الافتقار إلى التمويل، وغياب الائتمانات طويلة المدى، والإجراءات البيروقراطية، ومعدلات الفائدة المرتفعة.
  • الافتقار إلى الوضوح في السياسات الحكومية لدعم SME.

وتعتبر إسترتيجيات تحسين بيئة العمل (القانونية، والمالية، والسوق، إلخ)، وجودة أسواق العمالة المحلية ومهارات الإدارة على أنها العناصر الأكثر قيمة لتطوير المنشآت الصغيرة. كما يعتبر الاقتصاد الكلي المستقر، وبيئة التجارة الكافية، والقطاع المالي التنافسي، وإتاحة البنية التحتية وقوة العمل الماهرة المحلية شروطًا أساسية أيضًا لتنمية القطاع الخاص. وتمثل العوائق المؤسساتية –بما في ذلك البيئة التشريعية، وأنظمة الرسوم والضرائب أو صلابة سوق العمالة– عقبة خطيرة لتطوير ريادة الأعمال.  وكتوصية عامة، فإن تكامل طبقتين رئيستين للمعلومات يجب توافره في متابعة مراقبة وتقويم الحاضنة في الدول النامية:

  • قياس فعالية الحاضنة مقابل الطرق البديلة. يجب عمل نشاط المراقبة والتقويم لقياس أداء الحاضنة نفسها، والشركات المحتضنة فيه.
  • قياس العوامل الممكنة لتطوير القطاع الخاص، وللفجوات الهيكلية والمؤسساتية الرئيسة على مستوى الدولة.

 

هذا المقال هو رأي شخصي للكاتب. فما ذكر فيه قد يناسب الزمان والمكان الذي قد كتب حينه،  وقد لا يتناسب مع الحاضر اليوم أو المستقبل، أو ربما عبر عن نفس الحال والمقال، كما هي الحال في دورة الدهور والأزمان وتجدد الأفراح والأحزان. وكما قيل فالتاريخ يعيد نفسه.

أ. د. أحمد الشميمري، أستاذ التسويق وريادة الأعمال- جامعة الملك سعود،الرياض [email protected]  [email protected]