دور حاضنات الأعمال في استيعاب المبتكرين

دور حاضنات الأعمال في استيعاب المبتكرين

تاريخ النشر: 23 مايو، 2021

لا يخفي على أحد الدور الذي يمكن أن تلعبه الحاضنات في استيعاب الكفاءات الباحثة، و وقف نزيف الأدمغة في الوطن العربي نحو الخارج، والذي يؤدي إلى خسائر مادية وتفويت الفرص على الدول العربية، لدفع عجلة البحث العلمي و تحقيق التنمية المنشودة. هذا الأمر جعل من حاضنات الأعمال الأداة المثلى لحل مشاكل مراكز البحث العلمي والباحثين و ترجمة أعمالهم في الواقع الإنتاجي، كما تعد كأداة إستراتيجية لبناء و المحافظة على الرأسمال الفكري، و الحد قدر الإمكان من هجرته. 

وتقوم الحاضنات بتنمية مهارات وروح العمل الحر والقدرة على إدارة المشروع، بالإضافة إلى العمل على خلق فرص عمل دائمة وغير دائمة ، مباشرة وغير مباشرة من خلال الشركات التي تساعد الحاضنات في إقامتها وتنميتها. وتذكر الإحصائيات أن 75% من فرص العمل في الولايات المتحدة  الأمريكية  منذ عام 1979م نتجت عن 10 % من المؤسسات الصغيرة، ومثال آخر يوضح أنه قد تم خلق 26 ألف فرصة عمل جديدة من خلال 78 حاضنة مشروعات فقط في دول مثل جمهورية التشيك، واستطاع برنامج حاضنات المشروعات في خلق 440 شركة ومؤسسة جديدة ناجحة.

ومن أبرز مميزات الحاضنة أنها تساهم في نجاح المشروعات الجديدة المحتضنة بنسبة كبيرة تبلغ 87%، كما تساهم في تخفيض تكاليف توفير فرص عمل جديدة،و تعد حاضنات الأعمال كآلية جد مهمة لترجمة البحوث العلمية إلى مشاريع إنتاجية. وتذكر الإحصائيات أن 27% من مجموع حاضنات الأعمال بالولايات المتحدة الأمريكية ترتبط بالجامعات والمعاهد التعليمية، بينما تصل هذه النسبة في الصين إلى أكثر من 95%، فالحاضنة تلعب من خلالها الدور المحوري كقناة ربط بين الصناعة والبحث العلمي.

 فعلى سبيل المثال لا الحصر، أدت حاضنات الأعمال  التكنولوجية  في إسرائيل، دوراً مهماً في استيعاب العلماء من الاتحاد السوفيتي السابق،  ولقد أنشئت هذه الحاضنات في عام 1991 بعد الهجرة الجماعية من بلدان الاتحاد السوفيتي السابق (و خاصة المهاجرون الروس)، وكان هدف هذه الحاضنات هو توفير الإقامة والبيئة  الملائمة للعلماء، سواء من المهاجرين الجدد أو الإسرائيليين، والذين يحاولون تسويق اختراعاتهم الجديدة، وتغذية وزيادة أفكارهم  الابتكارية، كما أنهم تلقوا دعم مالي معتبر، ودعم فني من خبراء في مجال الأعمال، والمدعومة من مكتب الموارد الإسرائيلي، كما تُعرض هذه الأفكار على المستثمرين من رجال الأعمال المهتمين.

على الرغم من أن الحاضنات ليست موجهة تحديدا للمهاجرين الجدد، إلا أنه تبين إن حوالي نصف المشاريع تستند إلى أفكار من المهاجرين الجدد، والنصف الآخر على أفكار من الإسرائيليين،  وهكذا أضحت الحاضنات بمثابة أحدى آليات الاجتماعية لتوطين المهاجرين الجدد في إسرائيل .

 هذا من جهة، ومن جهة أخر يمكن الاستفادة من العلماء و الكفاءات العالية، و هي في المهجر من خلال التواصل بينها عن طريق ما يسمى بحاضنات الأعمال الدولية، و التي يكون لها دور في كل بلد من البلدان النامية التي تحتاج إلى قاعدتها العلمية (العلماء و الخبراء)المتواجدة في إحدى البلدان المتقدمة، أبرز مثال على ذلك  حاضنة الأعمال الدولية في سان خوسيه (وادي سيليكون) The International Business Incubator in San Jose (Silicon Valley)، حيث يتم احتضان المؤسسات الوليدة في الدولة الأم، و التي تُرعى أو توجه من قبل المغتربين،  وعلى سبيل المثال نجد أن الهند تستفيدون من خبرائها و علماءها في وادي السيليكون بالولايات المتحدة  الأمريكية  لدعم مؤسساتها الجديدة.

 

هذا المقال هو رأي شخصي للكاتب. فما ذكر فيه قد يناسب الزمان والمكان الذي قد كتب حينه،  وقد لا يتناسب مع الحاضر اليوم أو المستقبل، أو ربما عبر عن نفس الحال  والمقال، كما حال في دورة الزمان وتتجدد الأحداث الأحزان.ويعيد التاريخ نفسه.

أ. د. أحمد الشميمري، أستاذ التسويق وريادة الأعمال- جامعة الملك سعود،الرياض [email protected]