خصائص التنسيق الفعال

خصائص التنسيق الفعال

تاريخ النشر: 6 أكتوبر، 2021

على الرغم من أن التنسيق عنصر واحد من العناصر المؤدية إلى تحقيق الكفاية إلا أنه من أهم هذه العناصر، وعندما تواجه الإدارة مشكلات التنسيق، وتصبح مهمته في هذا الصدد عسيرة ينبغي أن تلجأ إلى العوامل الآتية التي تساعد على تحقيق التنسيق وإيجاد التكامل بين الجهود، ونطلق عليها هنا خصائص التنسيق الفعّال، وهي:

1.تبسيط التنظيم.

2.إيجاد الانسجام والتكامل بين الخطط والبرامج والسياسات.

3.تحسين الاتصالات الإنسانية الإدارية وتسهيل تبادل البيانات في المنظمة.

4.العمل على إيجاد الوسائل المشجعة على التنسيق الاختياري.

ويتضح مما سبق أن الخصائص السابقة وطيدة الصلة بعناصر أو وظائف الإدارة الأخرى، وهو أمر لا يثير الدهشة، إذ إن تحقيق التنسيق يتوقف على نجاح الإداري في مراحل الإدارة الأخرى.

ونناقش كلاً من العوامل السابقة بشيء من التفصيل:

  • تبسيط التنظيم:

يساعد التنظيم المبسط على إيجاد التنسيق وتكامل الجهود، وذلك بالعناية بناحيتين مهمتين من نواحي التنظيم بصفة خاصة هما تقسيم العمل بين الإدارات بالطريقة التي تساعد على تنسيق الجهود، ووضوح التنظيم لتحديد الاختصاصات والسلطات والنظم التفصيلية، ونناقشها بإيجاز:

  • تقسيم العمل بين الإدارات:

فيما يختص بالناحية الأولى وهي تقسيم العمل بين الإدارات توجد وجوه نشاط معينة في كل منشأة وثيقة الصلة ببعضها وتتطلب التنسيق الكامل بينها مثال ذلك عمليات الشراء والبيع في متاجر التجزئة، والصيانة والإنتاج في المنشآت الصناعية وإنتاج الأجزاء والتجميع في مصانع السيارات، وتحديد التزامات المنشأة تجاه عملائها والشؤون القانونية في شركات التأمين، فإذا وضعت وجوه النشاط الوثيقة الصلة ببعضها في الوحدة الإدارية نفسها يصبح التنسيق بين جهود العاملين فيها أكبر سهولة. إذ أنه في هذه الحالة تكون الاتصالات غير الرسمية بين الأفراد الذين يقومون بهذه المهام أكثر تعدداً فتنشأ بينهم الصلات الاجتماعية ويتبادلون البيانات بسهولة. كما أن إشراف إداري واحد على هذه العمليات يمكنه من إيجاد التنسيق والتكامل بين جهود العاملين فيها.

  • وضوح التنظيم والخطط:

يؤدي عدم وجود فهم واضح للاختصاصات أي المعرفة التامة للأفراد الذين يختصون بكل من وجوه النشاط إلى سوء التنسيق وعدم تكامل الجهود، إذ أنه إذا لم تحدد الاختصاصات تحديداً واضحاً، فإن كل إدارة سوف تعتبر أن بعض المهام ليس من واجباتهم بل من واجب إدارة أخرى، ويترتب على ذلك عدم القيام بهذه المهمة وانعدام التنسيق بين جهود جميع الإدارات التي يتوقف عملها على القيام بهذه المهمة.

وتنشأ مثل هذه المشكلة، عندما يشعر اثنان من المشرفين أنهما مسؤولان عن المهمة نفسها إذ يؤدي ذلك إلى ازدواج العمل نتيجة لقيام كل منهما به. ولقد وجد في كثير من المنشآت أنه ينشأ ازدواج في شراء قطع الغيار؛ نظراً لأن كلا من إدارة المشتريات ووحدة الصيانة تعتقد أن من واجبها شراء هذه القطع مما ينشأ عنه سوء العلاقة بين المنشأة والموردين أو شراء كمية أكبر مما ينبغي وتحمل المنشأة تكاليف إضافية، كما أنه ينشأ عن عدم وضوح الاختصاص وازدواج المسؤولية، بالإضافة إلى ازدواج العمل، والتنافس والخلاف بين مشرفي الإدارات؛ إذ يريد كل منهم التوسع في اختصاصه وسلطاته، ويؤدي مثل هذه الحالة إلى انعدام التنسيق الاختياري بين هؤلاء المشرفين.

  • انسجام التخطيط والبرامج وتكاملها:

الوقت الأمثل لتحقيق التنسيق هو في مرحلة وضع الخطط إذ إن وضع الخطط في وقت مبكر عن التنفيذ وبكثير من التفصيل يهيئ الفرصة لإعادة اختيار ومراقبة الخطط للتأكد من أنها تتلاءم وتتمشى مع بعضها وتتكامل لتعطي نظاماً متوازياً متكاملاً، ويكون هناك ناحيتان مهمتان من نواحي التخطيط لهما أهمية خاصة لتحقيق التنسيق هما انسجام الخطط وتكاملها، والتوقيت السليم لوجوه النشاط كما يأتي:

1- تكامل البرامج والخطط:

تكون هناك ضرورة لمراجعة الخطط التي يضعها الأفراد المختلفون أو وحدات تنظيمية مختلفة، ولضمان انسجام الخطط فيما بينهما يجب أن تراجع كل منها مع الخطط بوجوه النشاط المرتبطة للتحقق من أنها كلها تعطي برنامجاً موحداً متكاملاً. فإذا وجد أي تعارض أو عدم انسجام فلا يكون دائماً من السهل تصحيح الوضع إذ قد تكون هناك أسباب وجيهة لاتباع كل من الاتجاهات المقترحة وقد تصحح هذه الصعوبة في بعض الأوقات باختيار أحد هذه الاتجاهات، ولكن في أحوال أخرى قد يكون اختيار جديد أو حل وسط ضرورياً لتحقيق التوازن جنباً لجنب مع تنسيق الجهود.

2- التوقيت السليم:

لا يكفي أن تكون وجوه النشاط التي يجري تنسيقها منسجمة ومتمشية مع بعضها، وإنما ينبغي أن تنجز كل منها أيضاً في الوقت المناسب، فمثلاً في مصنع سيارات عند تجميع قطع السيارة ينبغي أن يكون التوقيت دقيقاً حتى تأخذ القطع المتعددة طريقها لتصل في اللحظة المناسبة إلى مكان التجميع، كما أن سرعة خط التجميع وتوزيع العمل ينبغي ضبطها وتعديلها حتى لا تبق مجموعة من الموظفين بلا عمل نتيجة لنقص العمل فيما بينها، بينما تجد مجموعة أخرى صعوبة في إنهاء عملها قبل وصول العمل الجديد.

كما أن التوقيت السليم يعد من الأمور الحيوية في معظم العمليات وإن لم يكن ذلك واضحاً بدرجة المثال السابق نفسها، فالقيام مثلاً بحملة إعلانية عن سلعة جديدة أو عن تغير في سلعة حالية أو تغير في عبوتها أو شروط بيعها يحتاج إلى توقيت دقيق لكل مرحلة في هذه الحملة، فطبع العبوة التي يظهر عليها العرض الجديد أو التركيب الجديد للسلعة، وإرسال هذه العبوات إلى تجار الجملة أو التجزئة وحجز المساحات الإعلانية في الصحف والمجلات أو الوقت في الإذاعة والتليفزيون، واجتماعات مندوبي البيع لشرح العرض الجديد لهؤلاء المندوبين تحتاج كل مرحلة منها إلى توقيت دقيق ليتم في الوقت المناسب والترتيب الصحيح، وأي خطأ في توقيت وترتيب أي خطوة قد تؤدي إلى نتائج سلبية.

3- تحسين وسائل الاتصال:

يساعد الاتصال السليم، وسهولة تبادل البيانات على تنسيق الجهود بين وجوه النشاط المختلفة، فمن الضروري معرفة ما إذا كان التنفيذ يسير طبقاً للخطة الموضوعة، حتى يمكن وضع التعديلات اللازمة لها ووسائل تنفيذها، كما أن هناك عدداً كبيراً من وجوه النشاط (وخاصة الأمور التفصيلية التي لا يكون من العملي وضع خطة لها في وقت مبكر جداً على التنفيذ) يتم تنسيقها عندما يعلم الأفراد الذين يوجهونها وينفذونها البيانات الخاصة بالأعمال المتعلقة بها.

كما يعد الاتصال وتبادل البيانات الخاصة بظروف العمل الفعلي والثغرات المتوقعة حيوياً أيضاً في إعداد البرامج للمستقبل، ولذا ينبغي أن تزود الإدارة بالطرق الكفيلة بانسياب معظم تلك البيانات التي تحتاج إليها في تنسيق الجهود.

وللحصول على الكثير من البيانات التفصيلية الضرورية للتنسيق يمكن الاعتماد على المستندات والسجلات والأوراق التي تتبع خطوات محددة من إدارة إلى أخرى طبقاً للنظم الموضوعة للعمل، مثال ذلك الفواتير التي ترسل نسخ منها لإدارات متعددة أوالمواصفات وغيرها من الأوراق التي تيسر انسياب العمل داخل المنشأة. في كل منشأة نجد أن بعض وجوه النشاط لا يمكن تنسيقها بصفة رئيسة عن طريق الانسياب المنسق لأوراق العمل المصممة لتفي بهذا الغرض.

وتعد التقارير المكتوبة من أهم وسائل الاتصال التي تسهم في فعالية التنسيق. فعند التنسيق بين الإنتاج والمبيعات مثلاً نجد أن التقارير الدورية التي تبين الكميات تحت التشغيل تساعد في تخطيط نشاط إدارة المبيعات، وفي وعودها الخاصة بوقت التسليم، كما أن التقارير التي تعدها إدارة المبيعات بشأن الاستفسارات عن أوامر التوريد التي تلقتها طبقاً لنوع السلع تساعد إدارة الإنتاج في وضع البرامج الإنتاجية.

وينبغي أن يتضمن نظام العمل نفسه بعض وسائل الاتصال الأخرى، فالتقارير الشفوية والدورية وإن كانت تستنفذ جزءاً غير قليل من وقت الإداريين، إلا أنها تهيئ الفرصة للشرح والتفسير، وهي أمور غالباً ما تكون ضرورية وحيوية لتنسيق الجهود، وعندما لا يكون الاتصال الشخصي عملياً ينبغي استخدام الخطابات، والمذكرات والتقارير الخاصة وأوراق وسجلات العمل لتكملة البيانات التي تحتوي عليها التقارير الرسمية وأوراق العمل.

وينبغي الاستعانة بالوسائل الميكانيكية أو الإلكترونية للاتصال عندما يبرر حجم المنشأة ومقدار الحاجة إلى تبادل البيانات بمثل هذه الوسائل إذ طرحت لنا التقنية الحديثة برامج وتطبيقات متقدمة تحقق التنسيق بشكل دقيق.

4- تشجيع التنسيق والتعاون الاختياري:

ينبغي أن يتم التنسيق في أي منشأة عن طريق التعاون الاختياري بين أفراد القوى العاملة، فالموظف المختص بكتابة الفواتير، وموظف التسليم، وموظف إدارة الأفراد، ومدير الحسابات، وموظف إدارة الإعلان، وموظف إدارة المبيعات وغيرهم ينبغي أن يقوموا بأعمالهم بالطريقة التي تكفل التنسيق وتكامل الجهود بين كل منهم، مع ملاحظة أنه لا يكون في غالب الأحوال لأحدهما سلطة على الآخر إذ إن وجود مثل هذه السلطة يخلق مشكلات تنظيمية، ومن ثم فإن حسن سير العمل يتطلب أن يعطي كل منهما الآخر البيانات الكافية عن عمله والمشكلات التي تواجهه حتى يمكن اتفاقهما على طريقة منسقة للعمل.

وقد لا يتفق مثل هؤلاء الأفراد في كل الأحوال، وعندئذ يصبح من الضروري نقل المشكلة إلى موظف في مستوى إداري أعلى؛ ليفصل فيها أو تحال إلى الإداري الذي يشرف على الإداريين، ولكن ينبغي أن يكون ذلك فقط في حالات استثنائية؛ حتى يترك الوقت الكافي للإداريين لإنجاز أعمالهم الفنية المهمة، ولذا يكون من الأفضل أن يشجع الإداري التنسيق الاختياري بين الأفراد.

ويصبح التنسيق الاختياري أكثر سهولة عن طريق التحديد الواضح للتنظيم، والبرامج المنسقة للعمل ووسائل الاتصال السليمة. ويمكن تشجيع الاتصالات وتبادل البيانات بطريقة غير رسمية، كأن تكون اللجان التي يمثل فيها الإدارات المختلفة تساعد على التنسيق بين الإدارات، نتيجة لتبادل البيانات في اللجان.

 

هذا المقال هو رأي شخصي للكاتب. فما ذكر فيه قد يناسب الزمان والمكان الذي قد كتب حينه،  وقد لا يتناسب مع الحاضر اليوم أو المستقبل، أو ربما عبر عن نفس الحال والمقال، كما هي الحال في دورة الدهور والأزمان وتجدد الأفراح والأحزان. وكما قيل فالتاريخ يعيد نفسه.

أ. د. أحمد الشميمري، أستاذ التسويق وريادة الأعمال- جامعة الملك سعود،الرياض [email protected]  [email protected]