الفرق بين مسرعات الأعمال وحاضنات الأعمال

الفرق بين مسرعات الأعمال وحاضنات الأعمال

تاريخ النشر: 7 أكتوبر، 2021

تقوم حاضنات الأعمال والمسرعات بتزويد الشركات الناشئة بالدعم، والموارد المستهدفة للمساعدة في إطلاق مشروع تجاري ناجح. وعلى الرغم من وجود الغرض الأساسي نفسه في كلا النموذجين، إلا أنها تختلف من عدة جهات عند البداية والتشغيل.  فتقوم الحاضنة بتأسيس الشركات ودعمها أثناء تطورها بالسرعة التي تناسبها، بينما تسرع المسرّعة العملية الأولية لبدء النشاط التجاري إلى بضعة أشهر فقط.

وقد أوجدت الفروقات الدقيقة بينهما خلطًا بين الممارسين في مجال الحاضنات بالنسبة إلى الاختلافات بين مسرعة الأعمال Business Accelerator وحاضنة الأعمال Business Incubator. وفي العادة يستخدم الكثير من الناس المصطلحين بالتبادل، وفي الحقيقة فإنه يوجد عدد من العناصر التي تميز بينهما. وفي نفس الوقت، توجد تداخلات بينهما عبر خدمات الحاضنة والمسرعة. وللتفريق بين الأشياء، فإنه قد يكون من الأسهل البدء أولًا بالأشياء التي تشتركان فيها. مثال ذلك، تستهدف كل من الحاضنات والمعجلات نمو الشركات، وذلك عن طريق توفير التوجيه والإرشاد، لكن بطرق مختلفة قليلًا، والأكثر أهمية، عند مراحل مختلفة في دروة حياة الأعمال.

مسرعات الإعمال أو ما يسمى أحياناً معجلات الأعمال شبيهة جدًّا بالحاضنات، إلا أنهما تختلفان في أن المسرعات عادة لها تركيز أكبر على الشركات، التي يتوقع أن تنمو عاليًا في سوق وطني أو عالمي. ومن الأكثر ترجيحًا أن تمول مسرعات الأعمال من قبل أصحاب رأس المال المغامر، الذي يبحث عن فرصة لتمويل نمو محتمل من خلال خطط العمل المدروسة.

وبصفة عامة فإن مسرعات الأعمال تقدم كل الخدمات التي تقدمها حاضنات الأعمال. والفرق الرئيسي هو مستوى الشمول الفعلي من إدارة المسرعة، الذي يجب أن يزيد فرص النجاح. ولمزيد من التوضيح المبسط للفرق بينهما، فقد نعتبر أن حياة الأعمال تشبه حياة الإنسان. فتوجد ثلاث مراحل أساسية للحياة هي: مرحلة الطفولة، ومرحلة المراهقة، ومرحلة البلوغ أو الرشد.

ففي مرحلة الطفولة فإن حاضنة الأعمال مثل الأب للطفل، فهي توفر المأوى الذي يشعر فيه الطفل بالأمان، ويتعلم كيف يمشي ويتكلم. ويترجم ذلك عن طريق تقديم مكان للمكتب، والتدريب على مهارات الأعمال، والاتصال بشبكات التمويل والشبكات المهنية. وترعى حاضنة الأعمال المشروع خلال مرحلة بدايته (الطفولة)، وتوفر كل الأدوات والنصائح اللازمة للمشروع، حتى يقف على قدميه الذاتيتين. ويعد تعلم الوقوف إنجازًا رياديًّا كبيرًا، فعادة يكون المشي أثناء المراهقة متمايلًا ومليئًا بالتحديات، وتظل في حاجة إلى التوجيه بعيدة عن الاستغناء عنها.

وكما يعرف الأب، فقد يكون توجيه أي مراهق أثناء فترة المراهقة، تلك الفترة هي الأكثر تجربة ومحاولات في حياة هذا الشخص، إذ إن المراهق يكتسب إحساسًا بالذات والهوية. فإن أحد التحديات الرئيسة التي تواجه معظم الشركات، التي تعمل بين الطفولة والمراهقة هو أنه، إن آجلًا أو عاجلًا، سيصطدمون بخنادق (أو حفر) العمليات اليومية، وفي أكثر الأحيان يفشلون في شمول التخطيط الإستراتيجي طويل المدى في تطوير الأعمال. ويمكن أن تفقد خلالها الشركة طريقها المحقق قيمتها الفريدة –هويتها الجوهرية– أثناء هذه المرحلة.

وعند هذه النقطة الحرجة في دورة حياة الأعمال ينتهي دور الحاضنات، حيث إن الشركة تصبح معدة تقنيًّا لنشر جناحيها. وأمامها رحلة بعيدة تجاه النمو المستدام. وهنا يصبح من الضروري الحصول على خدمات إضافية من مسرعات الأعمال. وفي هذه المرحلة تقدم برامج المسرعات ما يساعدها على عبور مرحلة المراهقة إلى مرحلتي البلوغ أو النضج. وذلك بتقوية أذرعتها وأرجلها من خلال التفكير السليم ووضع خطط إستراتيجية للمستقبل. وبتعبير آخر، ففي حين أن الحاضنات تساعد المشروعات على الوقوف على رجليها والمشي، فإن المسرعات تعلمها كيف تركض.

وبالعادة، فإن حاضنات الأعمال تقدم حزمة من برامج الإرشاد والدعم لوقوف المشروع، وقد تمتد هذه المرحلة إلى عدة سنوات، في حين أن برامج مسرعات الأعمال لا تزيد على 3-6 أشهر. فالتركيز لدى المسرعات موجه نحو النمو السريع، ومعالجة جميع التحديات الإدارية والعملياتية أمام المشروع. ومن هنا فإن مسرعة الأعمال هي الطريق نحو النقلة المنظمة للانتقال لمرحلة البلوغ أو النضج. وبلا شك أن كليهما يعتبر مهمًّا لنمو الأعمال، ولكن ديمومة النمو واستمراريته هي الحياة الحقيقية للاقتصاد.

وأشار إيان هاثوي 2016 Ian Hathaway  أن هناك عدة مميزات، تميز مسرعة الأعمال عن غيرها من المؤسسات الداعمة: كالحاضنات، وشركات رأس المال الجريء. واستعرض إيان نموذج المقارنة الذي اقترحه كل من سوزان كوهين ويايل هوشبيرغ، الذي يظهر في الجدول التالي:

 

الجدول رقم (1-2) الفروقات بين الحاضنات والمسرعات والمستثمرين الملائكة.

المعيار حاضنات الأعمال مسرعات الأعمال المستثمرون الملائكة
الزمن 1-5 سنوات 3-6 أشهر مستمرة
نموذج الأعمال إيجار – أو غير ربحية استثمار – غير ربحية في بعض الأحيان استثمار
الاختيار للمستضافين غير تنافسي تنافسي وانتقائي دقيق تنافسي
مرحلة الدعم المالي في المراحل الأولى أو الأخيرة في المراحل الأولى في المراحل الأولى
التعليم المقدم تعليم شامل – قانوني – موارد بشرية – تسويق ورش عمل – وسيمينار لا يوجد
الإرشاد الحد الأدنى ويكون تكتيكيًّا مكثف من خبراء المسرعة أو من خارجها بحسب الحاجة ومقدم من المستثمر نفسه
 الخدمات المكانية داخل الموقع داخل الموقع خارج الموقع

Source: Susan Cohen in Hathaway, Ian (2016). “What Startup Accelerators Really Do”. Harvard Business Review, March 01

 

وعلق إيان هاثوي 2016 مؤكدًا أن هناك ما يقارب من 700 منظمة مقرها الولايات المتحدة، التي تسمي نفسها (مسرعة أعمال) لا تتوفر فيها ثلث هذه المعايير التي تميز المسرعة. وبعبارة أخرى، فإن اثنين من كل ثلاثة (مسرعات) ليسوا في الواقع مسرعات أعمال، بناء على هذه المعايير الموضحة في الجدول السابق.

 

هذا المقال هو رأي شخصي للكاتب. فما ذكر فيه قد يناسب الزمان والمكان الذي قد كتب حينه،  وقد لا يتناسب مع الحاضر اليوم أو المستقبل، أو ربما عبر عن نفس الحال والمقال، كما هي الحال في دورة الدهور والأزمان وتجدد الأفراح والأحزان. وكما قيل فالتاريخ يعيد نفسه.

أ. د. أحمد الشميمري، أستاذ التسويق وريادة الأعمال- جامعة الملك سعود،الرياض [email protected]  [email protected]