الاستثمار و “الميزة التنافسية”

الاستثمار و “الميزة التنافسية”

تاريخ النشر: 23 مايو، 2021

إن الاستثمار يعتبر عصب الاقتصاد و قلبه النابض، والطريق الأمثل لمستقبل الأمم. فالاستثمار اليوم يكفل لجيل الغد تحسين المستوى المعيشي، ونمو المستوى الاقتصادي، و تعدد الفرص الوظيفية، وحماية قيمة رأس المال من آثار التضخم. و هذه البلاد تنعم بحمد الله بالمناخ الاستثماري الآمن، و تتوفر فيها العديد من الفرص الاستثمارية المطمئنة، لما توليه الجهات الرسمية المعنية من عناية بمدخرات الاستثمار و تشجيع و دعم للصناعات الضرورية المختلفة.

و لكي يحقق الاستثمار أهدافه و يكفل نجاحه ينبغي أن تتوفر فيه مقومات أساسية لعل من أهمها وأبرزها البحث عما يسميه الإداريون “الميزة التنافسية المستمرة” سواء كان ذلك الاستثمار لغزو الأسواق العالمية أو مجابهتها في ظل اتفاقيات العولمة القادمة، أو كان الاستثمار محليا لا يتجاوز المنطقة أو المدينة التي ينشأ فيها. فأما الاستثمارات التي تسعى إلى المنافسة الخارجية فتحديد الميزة التنافسية يعد أمرا استراتيجيا حاسما في نمو و نجاح و استمرار الاستثمار في ظل المنافسة الخارجية العارمة. فاليابان مثلا لم تغزو أسواق العالم و تسيطر على حصة الأسد في كثير من  الأسواق العالمية بما تملك من مواد خام و طاقة بشرية هائلة، لكنها استطاعت أن تستثمر ميزتها التنافسية المتمثلة في التقدم التكنولوجي والإداري، كما أن الولايات المتحدة تستثمر قدراتها المالية والتسويقية كميزة تنافسية هامة تكفل لها نجاح استثماراتها و منافستها العالمية. أما نحن في المملكة فنملك ميزة تنافسية في عدة قطاعات و لعل أهمها و أبرزها الصناعات البترولية و ما يتعلق بها من منتجات. تلك المنابع الحيوية الهامة التي لا تتهيأ لدول العالم الأخرى. فاستثمار هذه الميزة التنافسية الإنتاجية بتصدير البترول لأسواق العالم كمواد و منتجات نهائية بدلا من مواد خام سيفتح الآفاق الاستثمارية و الفرص التجارية و التحول الصناعي الكبير للمنشآت الوطنية اعتمادا على هذه الميزة التنافسية الهامة. أما عن المستوى الزراعي فلعل زراعة النخيل و إنتاج التمور تبرز كميزة تنافسية تتناسب مع البيئة السعودية و يمكن لها النمو و المنافسة عالميا، و تجاوز المركز الرابع من بين الدول المصدرة للتمور إلى المركز الأول بقليل من الدعم و التشجيع لهذه الصناعة الحيوية.

أما الاستثمارات المحلية فإن مما يحسن الالتفات إليه “كميزة تنافسية مستمرة” القدرات الإدارية و الميزة الإنتاجية، فالقدرات الإدارية تعد أحد الدعائم الأساسية لنجاح المشروعات و الاستثمارات وهذه الاستراتيجية و إن بدت أمرا نسبيا يصعب قياس أداءه و تقييم فعالياته إلا أنه ينبغي أن يوضع في عين الاعتبار عند بدء المشروعات. خاصة و السوق ستشهد قريبا مشاركة القطاع العام واستثماراته التجارية. و القطاع العام رغم امتلاكه لميزة تنافسية تتمثل في تقديمه لخدمة قد لا تستطيع كثير من الشركات الخاصة تقديمها، إلا أن ميزته الإدارية و التسويقية تحتاج وقفة و إعادة تقييم خاصة إذا أراد القيام بمهام القطاع الخاص . فالقطاع الخاص تظهر فيه الميزة التنافسية الإدارية بوضوح حيث يقوم على فلسفة الكفاءة و الإنتاجية خلافا للفلسفة البيروقراطية التي يتصف بها القطاع العام.كما أن القطاع الخاص يعتمد على سياسة التدريب و التطوير المستمر الذي يكفل للعملية الإدارية والإنتاجية التطوير وملاحقة المنافسين. وكذلك يتميز القطاع الخاص بالاختيار و التعيين وفق ضوابط الربح و الخسارة وحدها، كما يربط بين الحوافز و الإنتاجية بشكل وثيق و واضح. وبمثل هذه المقارنات حول الميزة التنافسية يمكن للمشاريع والاستثمارات أن تحدد مدى فعاليتها بواقعية لإدارة المشاريع بشكل أقدر و أكفأ.

 

  د. أحمد بن عبدالرحمن الشميمري

  جامعة الملك سعود – فرع القصيم

  عضو لجنة الاستثمار