أ.د. أحمد الشميمري
المشرف العام على الإدارة العامة للابتكار وريادة الأعمال
وزارة التعليم – 2020
“ورقة للنقاش”
إن التحديات التي تواجه التعليم العالي والجامعات على وجه الخصوص تتزايد بتسارع، فهناك متطلبات تنافسية تستدعي من الجامعات أن تتجاوب مع عدة امور مع العالمية (globalization) وأهمية والتواصل الشبكي والتقنية المرئية والابتكارات التنموية،
كما أن الحكومات اصبحت تنتظر من الجامعات المساهمة في نواتجها المحلية، وليس ذلك فحسب بل تنتظر منها طرح الحلول والمبادرات للقضايا والمشكلات التي تواجه البلد، والاندماج مع الصناعة والسوق.
كل هذه المتغيرات والتحديات جعلت من تشكل أدوار الجامعات أمراً ملحاً وضرورياً فاليوم لم تعد الجامعات تقتصر على الثلاثة أبعاد الشهيرة لدور الجامعات وهي كما تعلمون ( التعليم، والبحث، وخدمة المجتمع) بل أصبح تتجير المعرفة (Knowledge commercialisation) بعدا رابعاً مهماً لتحول دور الجامعات الحديثة.
ومن هذا المنطلق فإننا نحلم أن تقود جامعاتنا السعودية هذا التحول الهام في المنطقة العربية فهي لاعب رئيس وممثل مؤثر لجميع الدول العربية في مجموعة العشرين وتمتلك رؤية رشيدة وطموحه لنقل مكانتها في مصاف العالم الأول.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن مالذي يدفعنا في جامعاتنا السعودية لطرح مبادرة الجامعة الريادية كمشروع للتحول وتعزيز دور الجامعات المحوري في التنمية الاقتصادية للوطن.
وأقول ان ذلك يتلخص في 5 محاور رئيسة في هذا الصدد
أولاً:
تأطير الخطط والانشطة والمبادرات المتعلقة بالابتكار وريادة الأعمال بالجامعات، فالأنشطة المتعلقة بالابتكار وريادة الأعمال كثيرة ومتعددة وهي منظمومة متكاملة فعندما يصمم إطار لا تتوه بوصلة التقدم بالابتكار وريادة الأعمال، ولا تخضع للحماس الفردي الزمني للمسئول فقد يأتيك متحمس للحضنات فتميل الجامعة للحاضنات وفي مكان آخر يكون المسئول متحمس للملكية الفكرية فتميل الجامعة لذلك وآخر يهتم بمراكز الابتكار وننسى على سبيل المثال عناصر أخرى في المنظومة مثل تأهيل رأس المال البشري في الجامعة أو أساليب التعليم الابتكاري أو التشارك مع الصناعة،
ولذلك ظهرت مناهج تأطر نجاح جامعات كبرى تسير في هذا المسار من عشرات السنين كهارفرد وستانفورد وكامبريج وام اي تي وبباسون وغيرها فظهرت نماذج أمريكية تأطر وتمنهج خارطة التوجه نحو الجامعة الريادية وكذلك نماذج اوروبية وسوف نتحدث عنها فيما يأتي الورشة ومن ذلك النموذج الذي طرحته منظمة ال OECD وتبناه 140 جامعة من ابرز الجامعات في العالم، وهذا في حد ذاته فائدة كبرى للجامعة لتنظيم توجهها المؤسسي المستديم نحو مستهمتها الجديدة في تتجير المعرفة
ثانياً:
من فوائد مبادرة الجامعة الريادية أن الجامعة سيكون لديها مقياس منضبط ومقارن مع الجامعات الدولية تستطيع قياس أين وصلت الجامعة في رياديتها فهل وصلت 10% او 20% أو 80% وبالتالي تعرف وين العناصر والأبعاد التي تحتاج إلى تقوية وتلك التي تحتاج إلى تعزيز وبالتالي الوصول في مؤشر ومقياس التقدم في الجامعة الريادية.
ثالثاً:
الجامعة الريادية فرصة سانحة لتميز للجامعات فمعايير التميز وقياس الأثر تتحول اليوم في العالم من التركيز على اعداد الأبحاث والنشر العلمي والاستشهاد العلمي والسياتشين والسمعة كمؤشر شنجهاي اللي يركز 80% على البحث العلمي والنشر والفوز بجوائز نوبل أو QS اللي يركز بحوالي 40 % على السمعة والمكانة إلى تحول إلى التركيز بشكل أكبر إلى معاملات الأثر الاقتصادي والإجتماعي للجامعة التي تدعو إليه اليوم منظمة الأمم المتحدة.
وبالتالي فإن مقياس التميز كجامعة ريادية هو فرصة كبيرة وممكن التحقيق بالعزيمة والتعهد خاصة للجامعات الناشئة والجامعات الأهلية والتي تمثل العدد الأكبر لجامعاتنا في السعودية
رابعاً:
اليوم لدينا نظام جامعات جديد هذا النظام الذي بدأت تطبيقه 3 جامعات حتى الآن هو قادم بإذن الله ويرتكز في روحه على اعتمادية الجامعة على إدارة مواردها ومقدرتها وقدرتها على الاستثمار self finncing وأن تكون الجامعة منتجة وقادرةعلى تتجير معرفتها وهو ما ننشده في الجامعة الريادية.
خامساً:
التكامل مع الهوية البحثية للجامعات
الحمدلله كما تعلمون الجامعات اليوم بدأت تحدد بوضوح هويتها البحثية ومسارات تميزها عبر مبادرة التمويل المؤسسي الذي اطلقته الوكالة مؤخراً .. هذا الهوية التي اختارتها الجامعات من المؤمل أن لا تقتصر على نشرها العلمي ونشاطها البحثي بل من المتوقع أن يصاحب ذلك تميز بالابتكارات spin off companies وال Start Up ونشاطها في الحاضنات والمسرعات في مجال هويته البحثية. فمن المتوقع لجامعة مثلا اختارت هوية بحثية متحوره حول الأمن الغذائي على سبيل المثال أن يكون لديها ابتكارات في الامن الغذائي وحاضنات في الامن الغذائي، وستارت اب في الامن الغذائي. وتواصل وثيق مع الصناعة والسوق في مجال الأمن الغذائي. حينها تكتمل الصورة المنشودة من هذه الهوية في المساهمة في التنمية الاقتصادية للوطن.
ولذلك أتى هذا المشروع الطموح الذي نتطلع بجهودكم وحماسكم وبقناعتكم بمستقبل زاهر لجامعاتنا أن نترجمه على ارض الواقع بخطوات متأنية ولكنها ثابتة ومتصاعدة نحو تطور جامعاتنا السعودية
والله أسأل أن يديم على هذا الوطن مجده وسؤدده وأن يكلأ قيادته الرشيده بحفظه ورعايته
ويسبغ علينا نعمه روحمته. وعلى دروب التميز والابداع نلتقي.