مفهوم الإدارة

مفهوم الإدارة

تاريخ النشر: 7 أكتوبر، 2021

لقد تعددت التعريفات التي قدمها لنا المتخصصون في مفهوم الإدارة، حتى يمكن القول إن الكتابات الإدارية الراهنة تتضمن عدداً من التعريفات بقدر عدد الكتاب في مجال الإدارة. من هذه التعريفات نذكر على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:

  • الإدارة مشتقة من الفعل «أدار» وهي تعني خدمة الآخرين وتقديم العون لهم. وعلى هذا النحو، فإن من يعمل بالإدارة يقوم بخدمة الآخرين، أو يصل عن طريق الإدارة إلى أداء الخدمة.
  • عرفت موسوعة العلوم الاجتماعية الإدارة بأنها “العملية التي يمكن بواسطتها تنفيذ غرض معين والإشراف عليه”.
  • كما عرف كونتز وأودرونال O’Donnell and Koontz الإدارة بأنها: «تنفيذ الأشياء عن طريق الآخرين.»
  • أما فردريك تايلور Fredrick Taylor فعرفها: «أن تعرف بالضبط ماذا تريد، ثم تتأكد من أن الأفراد يؤدونه بأحسن طريقة ممكنة وأرخصها.»
  • كذلك، فقد عرف ديل بيش Beach Dale الإدارة بأنها «عملية استخدام الموارد من المواد الخام والعنصر البشري لتحقيق أهداف معينة، وتتضمن تنظيم الأشخاص وتوجيههم وتنسيقهم وتقييمهم لتحقيق هذه الأهداف.»
  • أما القريوتي وزويلف، فقد عرفا الإدارة بأنها «استغلال الموارد المتاحة عن طريق تنظيم الجهود الجماعية وتنسيقها بشكل يحقق الأهداف المحددة بكفاية وفاعلية وبوسائل إنسانية، مما يسهم في تحسين حياة الإنسان، سواء أكان عضوًا في التنظيم أم مستفيداً من خدماته، وأيا كان المجال الذي تمارس فيه».

مما سبق يتضح لنا أنه لا يوجد تعريف محدد للإدارة، بل تعريفات متعددة وذلك عائد إلى تباين خلفيات

وتجارب الباحثين المتخصصين في الإدارة. غير أن تعدد هذه التعريفات لا يعني عدم وجود اتفاق بينها في كثر من النقاط. وإجمالاً، فإننا في هذا الكتاب (الشميمري وآخرون 2004) نعرف الإدارة بأنها:

«وظيفـة تنفيذ الأعمال عن طريق الآخرين باسـتخدام التخطيط والتنظيـم والتوجيه والرقابة، وذلك من أجل تحقيق أهداف المنظمة بكفاية وفاعلية، مع مراعاة المؤثرات الداخلية والخارجية».

 

من خلال هذا التعريف يمكننا أن نبين العناصر الآتية:

  1. إن الإدارة وظيفة ذات مهام ومسؤوليات محددة يقوم بها أفراد معينون من أجل تحقيق أهدف محددة. هذا يعني أن الإدارة نشاط متخصص ولا بد أن تكون لدى الأفراد المنوطة بهم وظيفة الإدارة المعارف والمهارات التي تمكنهم من أداء هذه الوظيفة على الوجه المطلوب.
  2. إن الإدارة واحدة في وظائفها سواء كان نوع النشاط الذي تقوم به المنظمة أو الجهاز حكومياً أو خاصاً. ذلك أن الإدارة ترتبط بإنجاز أعمال وأن هذه الأعمال قد تكون في أجهزة حكومية أو خاصة أو أنشطة خيرية، وأن نجاح هذه الأجهزة في تحقيق أهدافها لا يرجع إلى اختلاف فئاتها، وإنما إلى طرق ممارستها للإدارة.
  3. إن الإدارة تقتضي وجود مجموعة من الناس يتم من خلالهم تنفيذ الأعمال. هذا يعني أن الإدارة تنصب على المجهود البشري الذي يعتمد على التعاون الجماعي. فهي ليست إذاً آلية تركز على الأشياء وتهمل الإنسان، وتبعاً لذلك، فإن نجاح الإدارة يتوقف على العنصر البشري فيها.
  4. إن ممارسة الإدارة تستلزم القيام بعدة وظائف تتمثل في التخطيط والتنظيم والتوظيف والتوجيه والتنسيق والرقابة وإعداد التقارير والميزانية. ذلك أنه لا يتصور أن تحقق أية منظمة أهدافها، دون أن تكون لدى العاملين بها، وبخاصة المديرين منهم المعارف والمهارات المرتبطة بهذه الوظائف التي تمكنهم من أداء هذه الأهداف.
  5. إن الإدارة لا تعمل في فراغ، وإنما تسعى إلى تحقيق أهداف محددة. هذه الأهداف تعد بمنزلة الدليل الموجه لنشاط الإدارة في أي جهاز أو منظمة إدارية. فعلى سبيل المثال هناك أهداف تسعى وزارة التعليم إلى تحقيقها تختلف عن تلك الأهداف التي تسعى وزارة الصحة أو وزارة الزراعة أو وزارة الداخلية إلى تحقيقها. من هذا المنطلق، فإن بعضهم ينظر إلى الإدارة كوسيلة وليست غاية في حد ذاتها، حيث تستخدم الأساليب الإدارية للمساعدة في تحقيق الأهداف.
  6. إن وجود الأهداف كموجه لنشاط الإدارة لا يعد مطلقاً، وإنما محكوم بشروط ومعايير محددة أبرزها الفعالية والكفاية.  بمعنى أنه لا يكفي تحقيق الأهداف في حد ذاتها من وراء ممارسة الإدارة، وإنما لا بد أن يتم تحقيق هذه الأهداف (بفعالية) أي عمل الشيء الصحيح (وكفاية) أي عمل الأشياء بطريقة صحيحة. وبالطبع فإن الفعالية والكفاية ليست هي المعايير الوحيدة التي تستند إليها الإدارة في تحقيق أهدافها، وإنما كانت من بين أبرز هذه المعايير. وهناك معايير أخرى مثل العدالة والأمانة والالتزام بالأنظمة واللوائح وتحقيق الرضا الوظيفي وغيرها.
  7. إن تحقيق الأهداف بفعالية وكفاية يعني اتخاذ القرار السليم، حيث تعد عملية اتخاذ القرارات مسألة أساسية في كافة المنظمات الإدارية العامة منها والخاصة على حدٍ سواء، إذ يعد القرار عنصراً مهماً في كافة صور النشاط الإداري ومراحله. فعن طريق اتخاذ القرار ترسم الإجراءات اللازمة لسر العمل الإداري وتخصص الإمكانات أو الموارد البشرية والمادية اللازمة لتنفيذ هذه الأهداف، كما تحدد الوسائل أو المعايير التي يتم على أساسها تقييم درجة النجاح في تحقيق هذه الأهداف من عدمه. بل يمكن القول إن عملية إتخاذ القرار تعد جوهر الإدارة، حيث إنها متضمنة في جميع أنشطة الإدارة بما في ذلك تحديد الأهداف وكذلك العمليات الإدارية المتمثلة في التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.
  8. إن الإدارة ليست شيئاً ساكناً، أو ثابتاً بل هي عملية متحركة تجدد وتتأثر تؤثر في البيئة المحيطة بها. لذلك فإن من خصائص الإدارة الناجحة العمل على تطوير ذاتها بما يجعلها تستجيب للمستجدات الحديثة وذلك من خلال تطوير معارف الأفراد العاملين ومهاراتهم وتحديد الهياكل التنظيمية وتبسيط الإجراءات والنماذج والاستفادة من التقنية في جميع عملياتها.

 

هذا المقال هو رأي شخصي للكاتب. فما ذكر فيه قد يناسب الزمان والمكان الذي قد كتب حينه،  وقد لا يتناسب مع الحاضر اليوم أو المستقبل، أو ربما عبر عن نفس الحال والمقال، كما هي الحال في دورة الدهور والأزمان وتجدد الأفراح والأحزان. وكما قيل فالتاريخ يعيد نفسه.

أ. د. أحمد الشميمري، أستاذ التسويق وريادة الأعمال- جامعة الملك سعود،الرياض [email protected]  [email protected]