المنشآت الصغيرة

لقد شهدت السنوات الأخيرة انتشارا واسعا للمشروعات الصغيرة في الوطن العربي حتى أصبحت من خصائص هذه الفترة، ولعل ذلك مبررا بأنه يتزامن مع النمو المطرد في أعداد الشباب المؤهلين لدخول سوق العمل وتعطش القطاع الخاص للنمو والازدهار من خلال تنمية الاستثمارات في العمل الحر. لذا شهدت هذه الفترة  سيلا من الكتب والدراسات الخاصة بالمشروعات الصغيرة حتى أنها أصبحت تميز بين أشكال مختلفة لها والتي تبدأ بالأعمال المتناهية الصغر والأعمال الأسرية بالإضافة إلى المشروعات الصغيرة. ومما هو ملحوظ في زيادة الاهتمام بهذا القطاع، تزايد الاهتمام من قبل المؤسسات الأكاديمية في العالم العربي من خلال عرض مواد وتخصصات مختلفة تهتم بالمشروعات والأعمال الصغيرة، فضلا عن تقديم دورات تدريبية متخصصة لأصحابها.

وحيث تنوعت المؤلفات العربية التي تتناول المشروعات الصغيرة فقد أتى هذا المؤلف امتدادا لها مع التركيز بشكل أكبر على البيئة الاقتصادية في دول الخليج العربي على وجه العموم والبيئة في المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص. كما أن هذا المؤلف يأتي ثمرة للعديد من المصادر المكتبية والميدانية، حيث مارست المؤلفة تدريس مقرر المنشآت الصغيرة لسنوات عدة تم خلالها ربط المفاهيم العلمية النظرية بالتطبيق العملي الواقعي قدر الإمكان، كما تم خلال تلك الفترة الاحتكاك والتواصل بالكثير من الممارسين والممارسات للعمل الحر  في البيئة الخليجية، بالإضافة إلى مساهمة عدد من أعضاء هيئة التدريس في تدريس هذا المؤلف مما كان له دور في تنقيح المادة العلمية فيه. 

و حيث أن السوق أصبح يتقبل ويفترض أن جيل الشباب راغب  بالابتعاد عن الوظيفة التقليدية ويسعى لإقامة أعمال خاصة به، إضافة إلى ما شهدته بيئة الأعمال من تحولات و تطورات عديدة و خاصة في نمط تفكير الشباب و الذي يعد المنطلق و الدافع لدخول مجال العمل الحر، فقد استدعت هذه التحولات إصدار الطبعة الثانية من الكتاب، حيث يلاحظ أن هذه الطبعة استدركت العديد من التغيرات في بيئة الأعمال و ذات التأثير المباشر على قطاع المشاريع الصغيرة. على سبيل المثال تم اضافة الفصل الخامس بعنوان استخدام التقنية في المشاريع الصغيرة . و بالمجمل فإن الهدف من الكتاب هو توفير مرجع دراسي للبناء المعرفي و التطبيقي لطلاب التعليم العالي في العالم العربي.

يقع الكتاب في إحدى عشر فصلا ظهرت في أربعة أجزاء رئيسة : الجزء الأول يتناول تعريف بالمنشآت الصغيرة وهو يشمل الثلاثة فصول الأولى. أما الجزء الثاني فقد خصص لتناول بعض المفاهيم المرتبطة بالمشروع الصغير وهو يشمل الفصل الرابع والفصل الخامس و الفصل السادس. والجزء الثالث فقد خصص لاستعراض متطلبات تأسيس المشروع الصغير متضمنا الفصل السابع و الفصل الثامن . أما الجزء الأخير من الكتاب فقد خصص لدراسة الإدارة في المنشآت الصغيرة مع استعراض تجارب الدول الأخرى في قطاع المنشآت الصغيرة.

فالفصل الأول يعرض مفهوم المشروع الصغير وذلك من خلال استعراض عوامل تعريف المشروع الصغير، والمجالات التي يتم فيها الاستثمار في المشروع الصغير، مع عرض الشكل القانوني للمشروع. أما الفصل الثاني فإنه يستعرض أهمية المشروع الصغير وخصائصه التي تميزه عن المشروعات الأخرى. ونظرا لأهمية عوامل نجاح وفشل المشروعات الصغيرة وخاصة في البيئة السعودية فقد خصص الفصل الثالث لتناول هذا الموضوع.

الجزء الثاني من الكتاب يقدم تصورا واضحا لبعض المفاهيم المرتبطة بالمنشآت لصغيرة وهو يشمل ثلاثة فصول الرابع،  والخامس، والسادس. الفصل الرابع يستعرض مفهوم العمل الحر وخصائص شخصية رائد الأعمال Entrepreneur. 

أما الفصل الخامس فهو يتناول التطور في عالم التقنية بالتركيز على الانترنت و تأثيرها و استخداماتها في المشاريع الصغيرة .أما الفصل السادس فإنه يتناول مفهوم دورة حياة المشروع الصغير. 

اشتمل الجزء الثالث و الخاص باستعراض متطلبات تأسيس المشروع الصغير على فصلين (السابع و الثامن). حيث يركز الفصل السابع على متطلبات التأسيس الأولية مثل خصائص القطاع الخاص، ودوافع الاستثمار في المشروع الصغير، و الخصائص الشخصية للمستثمر، مع مصادر البحث عن أفكار للتأسيس بالإضافة إلى خطة المشروع. أما الفصل الثامن فقد اشتمل على المرحلة الثانية من متطلبات التأسيس وهي متطلبات تمويل المشروع الصغير ، وعوامل اختيار الموقع، مع تخصيص جزء لتناول موضوع العمل من المنزل.

الجزء الرابع والأخير من الكتاب شمل ثلاثة فصول: الفصل التاسع يتناول وظائف الإدارة في المشروع الصغير، والفصل العاشر يتناول وظائف المنشأة. أما الفصل الأخير فإنه يلقي الضوء على تجارب الدول الأخرى في قطاع المنشآت الصغيرة.

وأخيراً ارجو ان يكون هذا الكتاب إضافة لمكتبة إدارة الأعمال ومنهجاً علمياً ليساهم في نشر المفاهيم والأسس لإنشاء وإدارة المشروعات الصغيرة. ويسرنا استقبال كافة الملاحظات والمقترحات والتصويبات ممن تشرفت بقراءته لهذا الكتاب.