البطالة المقنعة

البطالة المقنعة

تاريخ النشر: 23 مايو، 2021

أوضحت إحدى الدراسات العلمية المجراه على موظفي القطاع العام في السعودية أن 21% من وقت الدوام الرسمي يشغله الموظف في إنجاز أعماله الشخصية، وأن ما يتبقى من وقت لإنجاز المعاملات اليومية المتعلقة بالجمهور لا تتجاوز نسبته 48% من وقت الدوام. ويذهب باقي الوقت فيما لا يتعلق بخدمة المراجعين أو صلب عمل الموظف.

هذه الدراسة وما أوضحته من نتائج تعكس بوضوح الحال التي آلت إليها الإنتاجية في القطاع العام حتى أصبح الحديث عن البطالة المقنعة قضية يجب أن تناقش بجدية واهتمام يتساوى مع مستوى نقاشنا حول البطالة الحقيقية. فبعض الموظفين اعتادوا على الانهماك في إنجاز أعمالهم الشخصية، والكسل والخمول والتباطؤ في تخليص المعاملات والقضايا، حتى أصبح طول المدة في عدد كبير من القطاعات أمراً مسلم به بلا جدال. فعند مراجعتك لإحدى القطاعات الخدمية الأساسية للمواطن فيجب أن لا تستغرب بأن عليك أن تراجعهم بعد أسبوع، وربما لو لم تراجعهم للسؤال عن معاملة روتينية لك لبقت في الأدراج أشهر لا أسابيع!

ليست المشكلة في الإنتظار فكلما استدعى الأمر ذلك فلا بأس، أما أن يكون تكاسلاً وخمولاً وانصرافاً عن واجبات الوظيفة، وتقديماً لمعالملات المقربين وتساهلاً بمراجعات و معاملات المغمورين والبسطاء فهذا من التفريط في أمانة الوظيفة العامة وإخلال في واجباتها.

وإذا كان القطاع العام يدعو في منتدياته الشفهية ويكرر في تصريحاته الصحفية اهتمامه الكبير بما يسمى بالجودة الشاملة فإن أولى تطبيقاتها يجب أن تكون في جودة الموارد البشرية وتعزيز مبدأ كفاءة الإنتاج. ومن تلك المبادئ الهامة التي يجب أن يتدرب عليه الموظف مفهوم إدارة الوقت وكيفية استغلاله. هذا الموضوع الذي أصبح من أبجديات العمل في جميع القطاعات في العالم المتقدم. إلا أن الحقيقة المرة تؤكد أن الإنتاجية وإدراة الوقت في العالم الغربي والشرقي المتقدم نابعة من ثقافة تلك البلدان التي تدرك معنى قيمة الوقت واهمية استغلاله. ومن أراد أن يكتشف الفرق فلينظر إلى اجتماعاتنا الدورية فتكاد لا تشهد على الإطلاق في أي منظمة أو قطاع أو مؤسسة اجتماعاً وظيفياً يبدأ في وقت محدد وينتهي في الوقت الذي حدد له. وأجزم أنه عندما توجد مثل هذه المؤسسات الملتزمة بالوقت في اجتماعاتها أنها مؤسسات تستحق أن تسجل اسماءها بماء الذهب في سجل جينس للأرقام القياسية على مستوى العالم العربي.

د. أحمد الشميمري

[email protected]      

 

هذا المقال هو رأي شخصي للكاتب. فما ذكر فيه قد يناسب الزمان والمكان الذي قد كتب حينه،  وقد لا يتناسب مع الحاضر اليوم أو المستقبل، أو ربما عبر عن نفس الحال  والمقال، كما حال في دورة الزمان وتتجدد الأحداث الأحزان.ويعيد التاريخ نفسه.

أ. د. أحمد الشميمري، أستاذ التسويق وريادة الأعمال- جامعة الملك سعود،الرياض [email protected]